تزامناً مع اليوم الدولى للغة الأم .. مفوضية الاتحاد الأفريقى تحتفل لأول مرة بالعربية كلغة رسمية للاتحاد
نظمت رابطة موظفى مفوضية الاتحاد الأفريقى، لأول مرة احتفالية ثقافية، بالعربية كلغة رسمية للاتحاد، بالتعاون مع البعثة المراقبة الدائمة لجامعة الدول العربية فى أديس أبابا، شملت كلمات افتتاحية باسم المجلس الاقتصادى والاجتماعى والثقافى (إيكوسوك) التابع للاتحاد الأفريقى، ومفوضية الاتحاد الأفريقى، والبعثة المراقبة الدائمة لجامعة الدول العربية لدى الاتحاد الأفريقى، إضافة إلى فقرات ثقافية شملت عرضاً مسرحياً من طلاب مدرسة جبسون، وقصائد شعر ومقتطفات نثر ألقاها مسئولو المفوضية وممثلو “الأيكوسوك” إضافة إلى أداء للموسيقى العربية الأفريقية ومأكولات تقليدية قدمتها السفارات العربية.
حضر الاحتفالية، حوالى 200 مدعو من الموظفين بمفوضية الاتحاد الأفريقى والسلك الدبلوماسى الأفريقى والعربى وعائلاتهم.
ورحب نوحُ تيام رئيس رابطة موظفى مفوضية الاتحاد الأفريقى بالحضور، مَقَدَّماً الشُّكْرِ لسُفَرَاءَ الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّةِ للمشاركة فى الاِحْتِفَالِ باللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ لغة الْقُرْءَانُ، واصفاً إياها بأنها وِعَاءً لِلثَّقَافَةِ وَالْفِكْرِ الْإِسْلَامِى، كلُغَة حَيَّةٌ مُفْعَمَةٌ بِالْجَمَالِ، تُوَحَّدُ مِئَاتَ المَلَايِينِ مِنَ الْبَشَرِ، سَوَاءً كَانُوا فِى الدُّوَلِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْ فِى غَيْرِهَا، فضلاً عَنْ إسْهَامِهَا فِى الْحِفَاظِ عَلَى بعض من َأَهَمِّ مَخْطُوطَاتِ الْعَالَمِ الْأَدَبِيَّةِ وَالْفِكْرِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ الَّتِى كَانَتْ حَلْقَةً مُهِمَّةً فِى تَوَاصِلِ وَتَطَوَّرِ الْحَضَارَاتِ.
وأكد تيام، أن اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ تُعَدُّ رُكْنًا أَسَاسِيًّا وَرَئِيسِيًّا مِنْ أَرْكَانِ التَّنَوُّعِ الثَّقَافِى لِلْبَشَرِيَّةِ، وَإِحْدَى اللُّغَاتِ الْأَكْثَرِ انْتِشَارًا فِى الْعَالَمِ، وَمَثَّلَتْ حَافِزًا لِإِنْتَاجِ الْمَعَارِفِ الْعِلْمِيَّةِ وَالفَلْسَفِيَّة وَنَشْرِهَا.
أما عَلَى مُسْتَوَى الِاتِّحَادِ الْإِفْرِيقِى تُعْتَبَرُ اللُّغَةُ الْعَرَبِيَّةُ إِحْدَى اللُّغَاتِ الرَّسْمِيَّةِ لِلِاتِّحَادِ، وَاللُّغَةَ الْأُمّ لِكَثِيرٍ مِنْ مُوَاطِنِيه، بَلْ إِنَّهَا ــ إلَى جَانِبِ السَّوَاحِليةِ ــ تُعَدُّ من اللُّغَاتُ الرَّسْمِيَّة غَيْرُ الْأَجْنَبِيَّةِ لِلِاتِّحَادِ، كونها أصيلة نَّابِعَةُ مِنْ مُوَاطِنِيهِ.
ومن جانبه، أكد خالد البودالى رئيس المجلس الاقتصادى والاجتماعى والثقافى (إيكوسوك) التابع للاتحاد الأفريقى التزام المجلس بتعزيز الحوار والتنوع الثقافى والشمولية اللغوية، من خلال الحفاظ على مكانة وتعزيز اللغة العربية، والسعى لحماية التراث المادى واللامادى المتجسدة ضمن إطارها كلغة عالمية متميزة، ذات تأثير عميق على الأدب والعلوم والفلسفة.
بوصفها مستودعًا للمعرفة والحكمة، خدمت كجسر يربط بين ثقافات وحضارات متنوعة، ميسرة لتبادل الأفكار والابتكارات، وتجسدت كإرث للصمود والتكيف والإثراء الثقافى لتصبح لغة ذات عمق وتطور لا مثيل له من عصر الحضارة الإسلامية الذهبى، حيث قام العلماء بترجمة النصوص القديمة إلى العربية، إلى عصر النهضة، حيث غيرت الأرقام العربية عالم الرياضيات.
واقترح البودالى، بذل جهود مشتركة تهدف إلى حماية وتقدم اللغة العربية فى أفريقيا، فضلاً عن بين السكان المهاجرين والمغتربين وإعطاء أولوية للجاليات العربية المقيمة خارج العالم العربى، وذلك بإطلاق حملات توعية لإعادة إشعال الروابط الثقافية، بالتنسيق بين الاتحاد الأفريقى والجامعة العربية للحفاظ على الثقافة وتعزيز التنوع اللغوى.
ونقل السفير وليد حميد شلتاغ رئيس البعثة المراقبة الدائمة لجامعة الدول العربية لدى الاتحاد الأفريقى، تحيات الأمين العام للاحتفال باللغة العربية لأول مرة بالمفوضية، كونها إحدى اللغات الرسمية منذ تأسيس منظمة الوحدة الأفريقية فى مايو 1963، مذكراً، بأن اللغة العربية إحدى أكثر اللغات انتشاراً فى العالم كونها اللغة الأم لما يقرب من 500 مليون نسمة، من الوطن العربى إلى العديد من البلدان المجاورة مثل: تشاد ومالى والسنغال وإريتريا وغيرها، كما أنها تدرس بشكل رسمى وغير رسمى فى الدول الإسلامية والأفريقية المحاذية للوطن العربى.
وأضاف، أن اللغة العربية أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة
والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية تخلب الألباب فى ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء، مذكراً، بأن جامعة الدول العربية عملت منذ إنشائها عام 1945 على صون اللغة العربية وحمايتها وتعزيز استخدامها.
وطرح شلتاغ، المحافظة على اللغة العربية ونشرها، من خلال تكثيف تدريس اللغة العربية وتطوير مفرداتها وفقاً للمقاييس العالمية، وتنشيط حركة التعريب، وتعزيز استخدام اللغة الفصيحة فى وسائل الإعلام العربية والأجنبية بدلاً من اللهجات المحلية، ودعم استخدامها لدى المنظمات الإقليمية والدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى وغيرهما.
وألقى البروفيسور محمد بلحسين مفوض شئون التعليم والعلوم والتكنولوجيا، كلمة مفوضية الاتحاد الأفريقى – بالنيابة عن رئيس المفوضية – موجهاً فيها التهنئة للرابطة موظفى الاتحاد الأفريقى على هذه المبادرة التى تسلط الضوء على إحدى اللغات الرسمية للمنظمة، معتبراً، أن اللغة هى أحد مهارات التعلم المعرفية الأولى للطفل فحتى قبل إتقان الكتابة، فإن اللغة هى الناقل المركزى للاتصال ونقل المعرفة.
وأضاف، أن اللغة تحمل أيضًا ذكرى وتاريخ المجتمعات التى تتحدث بها، وثقافتهم وعاداتهم، علاوة على ذلك، فإن لغة الضاد، تعد فى دائرة الضوء كونها لغة القرآن الكريم، وهو ما كان أحد العوامل التى ضمنت لها النجاة من المحاولات الاستعمارية لتهميشها.
وأبرز مفوض شئون التعليم والعلوم والتكنولوجيا، إعلان هذا العام 2024 عام التعليم خلال القمة الأفريقية فى دورتها السابعة والثلاثين التى اختتمت أشغالها الأسبوع المنصرم، مذكراً، بأنه تم وضع برنامج عمل يضم عشر نقاط محورية، أحدها يتعلق بمحو الأمية.
وطالب، باضطلاع الجميع، فرديا أو جماعيًا، بدور فى مكافحة التدهور فى جودة الأنظمة التعليمية من خلال تدبر المذكرة المفاهيمية وخارطة الطريق المتعلقة بالتعليم كموضوع العام للاتحاد الأفريقى.
واختتمت د. مونيك نسانزاباجنوا نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى، الجلسة الافتتاحية بالتعبير عن السعادة بتزامن هذا الاحتفال الأول من نوعه مع اليوم العالمى للغة الأم حيث لا تتجلى اللغة العربية كلغة أم عظيمة للقارة الأفريقية فحسب، بل تمتد إلى علاقة قرابة وثيقة مع العديد من اللغات الأفريقية الأصلية الأخرى، مما يدل على التقارب بين التراث الثقافى الأفريقى الثرى.
وطالبت، باعتبار هذا الاحتفال الأول من نوعه بذرة للعديد من الاحتفالات الأكبر فى السنوات القادمة باعتباره مبادرة مثمنة من رابطة موظفى الاتحاد الأفريقى دعمها المجلس الاقتصادى والاجتماعى والثقافى، ثم امتدت إلى الدول الأعضاء فى إطار الشراكات.
وحيت د. مونيك، بعثة جامعة الدول العربية، ومن خلالها إلى جميع السفارات العربية، على الدعم الذى قدموه لعقد الاحتفالية الثقافية باعتبار أن أفريقيا والعالم العربى وحدة جوار.
وسلطت، الضوء على الاحتفاء باللغة العربية والتعليم باعتباره شعار العام من للاتحاد الأفريقى مطالبة بإطلاق سلسلة من الدورات لتعليم اللغة العربية بمقر المفوضية.
شملت الاحتفالية، التى نظمتها تطوعاً كل من مى عبد الحكيم من مصر، وهُيام حكمى من المغرب، أيضًا كلمة لمدير تسيير المؤتمرات والنشر بمفوضية الاتحاد الأفريقى عبد الله ولد النهاه بعنوان “العربية كلغة رسمية للأمم المتحدة: قصة نجاح للترجمة الفورية والكتابية”، وقراءة للشعر والنثر من قبل ممثلين عن مفوضية الاتحاد الأفريقى، شملت مقتطفات من قصائد أبو القاسم الشابى ومن كتاب “اقتباسات من الذات” للسفير عمرو الجويلى.
كما قدم ممثلون عن المجلس الاقتصادى والاجتماعى والثقافى (إيكوسوك)، مداخلات حول نشر اللغة العربية فى تشاد وفى موريشيوس، فضلاً عن قصيدة من جمهورية مصر العربية.
كما تضمنت مشاركة مسرحية لطلبة مدرسة “جيبسون” تمثل فى حوار بين خمسة طلاب حول تطور اللغة العربية فى التاريخ وأهميتها فى العالم الحالى.
وأخيراً شاركت سفارة فلسطين بفيديو للشاعر محمود درويش، ووقف الحضور تحية لشهداء فلسطين منذ 1948.
واختتم الحفل، بمسابقة عن اللغة العربية فاز بجوائزها الثلاثة مشاركون من موريتانيا ومصر، من ضمن السفير محمد جاد مندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الأفريقى.
وصرح السفير عمرو الجويلى رئيس اللجنة التنظيمية للمبادرة: إن الحدث أثبت أهمية توطيد التفاعل الثقافى العربى الأفريقى، وتنظيم أنشطة محددة تهدف إلى تعزيز مكانة اللغة العربية، خاصة فيما بين الشباب مع استخدام جميع القنوات المتاحة، بما فى ذلك ما توفره المنصات الالكترونية والاجتماعات الافتراضية لذلك.