هناك رجال حذرنا منهم رسول الانسانيه صلي الله عليه وسلم وعلمنا ان هؤلاء الرجال ابغض الرجال عند الله بسبب سوء صفاتهم وسوء اخلاقهم وهؤلاء فيروسات المجتمعات، ففي الحديث النبوي الشريف:( أبغضُ الرجالِ إلى اللهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ) رواه البخاري.
وفي هذا الحَديثِ تَحذيرٌ شَديدٌ للمُتَّصفِ باللَّدَدِ في الخُصومةِ، وأنَّه أبغَضُ الرِّجالِ إلى اللهِ تعالَى، والألدُّ الخَصِمُ هو المُولَعُ بِالخُصومِة -وهي النِّزاعُ والمُجادَلةُ- الماهرُ فيها، والدَّائمُ فيها كذلِك، وإنَّما كان هذا الرَّجلُ هو أبغَضَ الرِّجالِ إلى اللهِ تعالَى -أي: يَكرَهُه اللهُ عزَّ وجلَّ كَراهيةً شَديدةً، وبُغْضُ اللهِ عزَّ وجلَّ للإنسانِ يَترتَّبُ عليه الإثمُ والعُقوبةُ-؛ لأنَّه يُجادِلُ عَنِ الباطلِ، وذلِك يَحمِلُ على ضَياعِ الحقِّ، والمَطْلِ بالحقوقِ وظُلمِ أصحابِها، ونُصرةِ الباطلِ، والحديثُ تَحذيرٌ أيضًا لمَن يُخاصِمُ بحقٍّ لكنَّه لا يَقتصِرُ على قدْرِ الخطَأِ، بلْ يُظهِرُ الزِّيادةَ ويُبالِغُ في الخُصومةِ، أو يَمزُجُ بطَلَبِ حقِّه كَلماتٍ مُؤذِيةً، أو يُجادِلُ بغيرِ عِلمٍ.
(والحديثُ بإطلاقِه يَشمَلُ من يخاصِمُ في باطِلٍ أو يجادِلُ بغيرِ عِلمٍ، كالمحامين الذين لم يَدرُسوا القضيَّةَ أو دَرَسوها وعَرَفوا باطِلَها، ودافَعوا فيها، وكالجَدَليِّين الذين يحامون عن الآراءِ الباطِلةِ والعقائِدِ الزَّائغةِ، حتَّى يَضِلَّ بهم العامَّةُ أو ذوو العُقولِ الصَّغيرةِ، سواءٌ كان ذلك بالتَّأليفِ أو بالحديثِ في المجالسِ، ويدخُلُ في الذَّمِّ مَن يخاصِمُ في الحَقِّ، ويتجاوَزُ في الخصومةِ قَدْرَ الحاجةِ، فيَسُبُّ ويَكذِبُ لإيذاءِ خَصمِه، أو يخاصِمُه عِنادًا ليَقهَرَه ويُذِلَّه) .
وهناك أُناسٌ أوتوا بَسطةً في ألسِنَتِهم، تُغريهم بالاشتباكِ مع العالِمِ والجاهِلِ، وتجعَلُ الكلامَ لديهم شَهوةً غالبةً، فهم لا يَمَلُّونه أبَدًا. وهذا الصِّنفُ إذا سَلَّط ذلاقَتَه على شُؤونِ النَّاسِ أساء، وإذا سَلَّطها على حقائِقِ الدِّينِ شَوَّه جمالَها وأضاع هيبتَها. وقد سَخِط الإسلامُ أشَدَّ السَّخَطِ على هذا الفريقِ الثَّرثارِ المتقَعِّرِ. قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (إنَّ أبغَضَ الرِّجالِ إلى اللَّهِ الألَدُّ الخَصِمُ)
هذا الصِّنفُ لا يَقِفُ ببَسطةِ لِسانِه عِندَ حَدٍّ، إنَّه يريدُ الكلامَ فحَسْبُ، يريدُ أن يباهيَ به ويَستطيلَ، إنَّ الألفاظَ تأتي في المرتبةِ الأولى، والمعاني في المرتبةِ الثَّانيةِ، أمَّا الغَرَضُ النَّبيلُ فرُبَّما كان له موضوعٌ أخيرٌ، ورُبَّما عزَّ له موضِعٌ وَسْطَ هذا الصَّخَبِ)
نهى الإسلام عن الفجر في الخصومة وجعلها علامة من علامات النفاق الخالص . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا “إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ ”
قال الحافظ ابن حجر الفجور هو: الميل عن الحق والاحتيال في رده. والمراد أنه إذا خاصم أحداً فعل كل السبل غير مشروعة ،واحتال فيها حتى يأخذ الحق من خصمه، وهو بذلك مائل عن الصراط المستقيم.
ولقد سمى الله في كتابه الكريم الفجر في الخصومة لدداً قال تعالى :{ وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} الألد الشديد اللدد أي الجدال، مشتق من اللديدين وهما صفحتا العنق، والمعنى أنه من أي جانب أخذ من الخصومة قوي.
“والفجر في الخصومة يؤدي إلى”
أولاً:- التحاسد والتباغض؛ ولقد نهى النبي – صلى الله عليه وسلم – عن ذلك ؛ فعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث و لا تجسسوا و لا تحسسوا و لا تنافسوا و لا تحاسدوا و لا تباغضوا و لا تدابروا و كونوا عباد الله إخوانا و لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك ” وعن الزبير, قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” دب إليكم داء الأمم قبلكم الحسد والبغضاء هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين ” .
فالحسد يؤدي إلى تجاوز الحد في الخصومة وتدبير الشر للخلق والتصنع والمراءاة في التعامل . وذلك فيه اعتراض على قضاء الله وقدره .والحسد يمنع الحاسد من قبول الحق خاصة إذا جاء عن طريق المحسود، ويحمله على الاستمرار في الباطل الذي فيه هلاكه، كما حصل من إبليس لما حسد آدم فحمله ذلك على الفسق على أمر الله والامتناع عن السجود، فسبب له الحسد الطرد من رحمة الله.
ثانياً:- التقاطع والتدابر؛ وربما يكون ذلك للأرحام والأقارب والواجب على المسلم أن يصل رحمه وإن قطعت به؛ فإنه كما في الحديث: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها) رواه الامام البخاري.
عن أبي أيوب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال 🙁 لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) رواه الامام البخاري ومسلم.
وهذا فيه تحريم الهجرة بين المسلمين، وأن الواجب هو التواصل، ولذا ثبتت الأخبار بهذا من حديث أنس أيضا في الصحيحين تحريم الهجرة أكثر من ثلاث،فإذا زاد الهجر بين الإخوان فوق ثلاث كان حراماً وكان فجراً في الخصومة لما يترتب عليه من تفكك اجتماعي.
وفي الأثر أنه إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: ليقم أهل الفضل، فيقوم اُناس من الناس فيقال لهم: انطلقوا إلى الجنّة، فتتلقّاهم الملائكة فيقولون لهم إلى أين؟ فيقولون لهم إلى الجنة، قالوا: قبل الحساب؟ قالوا: نعم، قالوا: ومَن أنتم؟ قالوا: نحن أهل الفضل، قالوا: وما كان فضلكم؟ قالوا: كنّا إذا جهل علينا حلمنا وإذ أسيء إلينا غفرنا، قالوا: ادخلوا الجنّة فنِعمَ أجر العاملين.
ثالثاً:- الكبر والعُجب؛ فالكبر وإعجاب المرء بنفسه يؤديان إلى تجاوز الحد في الخصومة والى رد الحق وغمط الناس . فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس ” رواه مسلم والترمذي.
بل ربما يقلب الحق باطلا .فعن عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ زَيْنَبَ بِنْتَ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ أُمَّهَا أُمَّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَمِعَ خُصُومَةً بِبَابِ حُجْرَتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ”إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ فَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَحْسِبُ أَنَّهُ صَدَقَ فَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ النَّارِ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَتْرُكْهَا “السلسله الصحيحه للالباني.
عن جابِرِ بنِ عَبدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (إنَّ مِن أحَبِّكم إليَّ وأقرَبِكم منِّي مجلِسًا يومَ القيامةِ أحاسِنَكم أخلاقًا، وإنَّ أبغَضَكم إليَّ وأبعَدَكم منِّي يومَ القيامةِ الثَّرثارون والمتَشَدِّقون والمُتفَيهِقون. قالوا: يا رسولَ اللهِ، قد عَلِمْنا الثَّرثارون والمتَشَدِّقون، فما المُتفَيهِقون؟ قال: المُتكَبِّرون).
قال ابنُ الأثيرِ: الثَّرثارون: هم الذين يُكثِرون الكلامَ تكَلُّفًا وخروجًا عن الحَقِّ. والثَّرثَرةُ: كثرةُ الكلامِ وترديدُه. المتشَدِّقون: المتوسِّعون في الكلامِ من غيرِ احتياطٍ واحترازٍ. وقيل: أراد بالمتشَدِّقِ: المُستهزِئَ بالنَّاسِ يلوي شِدْقَه بهم وعليهم.
المُتفَيهِقون: هم الذين يتوسَّعون في الكلامِ ويفتَحون به أفواهَهم، مأخوذٌ من الفَهْقِ، وهو الامتلاءُ والاتِّساعُ. يقال: أفهَقْتُ الإناءَ ففَهِقَ يَفهَقُ فَهْقًا .
وقيل: الثَّرثارون: (مُكثِرو الكلامِ خَطَأً أو صوابًا، حَقًّا أو باطلًا، بحيثُ لا يميِّزُ الجَيِّدَ من الرَّديءِ، ويتكَلَّفُ رِياءً وعُجبًا) عن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما قال: (قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: إنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ يُبغِضُ البليغَ من الرِّجالِ، الذي يتخَلَّلُ بلسانِه تخَلُّلَ الباقِرةِ بلِسانِها).