سئلت هذا السؤال في مجال الحديث عن تحول المناخ والأضرار التي لحقت بالبيئة من فرط الجور عليها.ك
ان من الضروري النظر إلى الماضي القريب لوجود بني أدم على الأرض وما فعله بعض أبناء آدم من إنجازات حققت لهم ولغيرهم العيش الرغد رغم تغير المناخ من العصور الجليدية إلى الجفاف المطلق فاخترعوا المحراث لتجديد خصوبة وادي النيل الضيق، وصنعوا من الطمي بيوتهم، وبعد ذلك من حجارة صحرائهم صنعوا جبالا شاهقة سماها خلفائهم “الأهرام”
ولكن الشيطان وسوس في نفوس بعض بني آدم بالاعتداء على بني عمومتهم لسرقة طعامهم بدل الكدح في زراعة، وطهي طعامهم لأنفسهم، والاكتفاء به لأنفسهم ولأولادهم. وهكذا حدثت الحروب المدمرة بسبب الطمع في رزق الآخرين. وهذا يقودنا إلى الحاضر.
حرب روسيا/أوكرانيا أثرت على العالم كله اقتصاديا؛ بسبب نقص المعروض من الحبوب وأهمها: القمح في الأسواق العالمية؛ مما تسبب في غلائه وتوجيه المتاح من الدولار في الدول النامية إلى شراء الغذاء.
حققت أمريكا بهذا أحد أهدافها وهو إثبات أنها المهيمن الوحيد على الأسواق العالمية، والمقصود بهذا الاثبات هم الدول التي سارعت بالإنضمام لمجموعة بريكس. كأن أمريكا تقول لهم: *
“شوفوا حينفعوكوا إزاي”
والمطلع على اقتصاديات العالم كان في عام ٢٠٢٣ يتوهّم أن في أول أيام ٢٠٢٤ ستنفرج معظم أزمات الدول التي انضمت لمجموعة بريكس. وأنا شخصيا أرى أنها خطوة سليمة ولكن كانت توقعات نتائجها الإيجابية أكثر مما يمكن تحقيقه في الظروف الراهنة وهي الهيمنة المطلقة للاقتصاد الأمريكي علىا اقتصاد أوروبا والدول النامية.
نتيجة تحول جزء كبير من الدولار الذي كان متاحا في خزائن الدول النامية، وكذلك أوروبا إلى شراء الغذاء – لأنه أول الأولويات – أن مخزون الدولار نقص،؛ وسبب أزمة الطاقة حيث هي ثاني الأولويات.
هذه الأزمة أثرت في مصر تأثيرا شديدا بسبب السياسات الخاطئة التي اتبعتها وزارتي الكهرباء والبترول. الأولى لأنها صممت على بناء محطات كهرباء تعمل بالوقود الحفري والثانية لأنها أسرعت بتلبية طلبات الأولى من الغاز بحجة أن كفاءة تحويله للكهرباء أحسن من المازوت.
وبسبب قلة الدولار اكتفت وزارة الكهرباء بشراء محطات توليد حفرية ولم تعمل على انشاء خطوط نقل الكهرباء إلى مستخدميها (فما فائدة الكهرباء دون وجودها عند طالبها)
حدث كل هذا التخطيط السيء في عهد د. محمد شاكر المرقبي مع أنه كان على إطلاع كامل على مخطط “خميسة” من فبراير ٢٠١٥ وهو مخطط مرن من جميع الأوجه
أـ يعطي كهرباء نهارا وليلا وكذلك كل أيام السنة حتى أيام هدوء الرياح وغياب الشمس أو أيام الصيانة الدورية. بمعني أنه يعمل بأداء أفضل من أداء المحطات التقليدية دون استهلاك وقود بتاتا
بـ خميسة تستغني عن تقوية خطوط نقل الكهرباء لأنها تُنشأ قرب أماكن الطلب فتوفر المال لإنشاء هذه الخطوط وتوفر فواقد نقل الكهرباء
جـ أكثر من نصف مكونات خميسة يصنع في مصر وبذلك يوفر الدولار ويتيح فرص عمل بمرتبات مجزية
دـ- خميسة تستطيع تحلية مياه البحر من فائضها الحراري دون استخدام كهربائها أي مياه عذبة بتكلفة رمزية
هـ- خميسة تحافظ على استقرار الشبكة لأنها تستعمل تربينات بخارية تدور متوافقة مع تربينات السد العالي مما يسمح باستعمال مقدار أكبر من الطاقات المتجددة المتقطعة دون المخاطرة باستقرار الشبكة لأن المعروف أن الكهرباء المتقطعة تضع تحديا إضافيا على استقرار شبكة الكهرباء بدأت غيومه المشؤومة تظهر في ألمانيا
وـ خميسة تكلفة كهربائها أقل من تكلفة الوقود لإنتاج نفس مقدار الطاقة.
ز- الوفر في حرق الغاز والمازوت يمكن توجيهه للتنمية وكذلك لشراء الغذاء لأن مقدرة مصر على انتاج غذائها محدودة بكمية المياه المتاحة للزراعة، وهذه هي المسألة الثانية التي تعالجها خميسة كأثر جانبي دون التضحية بالكهرباء
عودة للسؤال الأول عن إغلاق أحد مصانع فولكس فاجن؛ هذه الآثار السلبية وجهت صفعة شديدة للاقتصاد الألماني الذي كان يتفاخر بأنه قبل ٢٠٣٥ سيكون قد حقق الاكتفاء الذاتي من الطاقات المتجددة، وبذلك يستغنى عن الغاز الروسي المستورد وباقي أنواع الوقود الحفري.
ولكن الأزمة أثبتت خطأ حسابات الحكومة الائتلافية الحالية وفيها حزب الخضر مما دفعه لتوجيه اللوم للحكومات السابقة التي كانت المستشارة ميركل تقودها لمدة ١٦ سنة بدل مصارحة الشعب الألماني بخيبتهم في إدارة الطاقة رغم وفرة مواردهم المالية (هذا الحزب كان أول المؤيدين لإسرائيل)
ومن أبرز تداعيات هذه الأزمة هو إغلاق بعض المصانع وتقليص انتاج البعض الآخر إلى أن أتت الصفعة الكبرى اليوم ٤ سبتمبر بإغلاق أحد مصانع فولكس فاجن تمهيدا لإغلاق غيره وتشريد عدد لم يفصح عنه ولكنه يتعدى المليون عامل.
كل هذا ينتظرنا في مصر طالما وزارة الكهرباء “تلهث وراء نصائح الخبراء الألمان” وكان الأحرى بالوزير الجديد أن يسأل هؤلاء الذين يسمون أنفسهم خبراء “ماذا فعلت خبرتكم بوطنكم؟” لقد عدوتم خلف أمريكا بتجهيز أوكرانيا بأحدث الأسلحة حتى نفدت مواردكم المالية وحاولتم بسياسة عقيمة تطويع الطاقات المتجددة المتاحة عندكم دون النظر إلى أن التقلبات الطبيعية لهذه الطاقات تحتاج لتخزين مناسب وهو متاح في مصر من حرارة شمسها التي لا تستطع عندكم إلا نادرا ولكن علماءنا يعرفون حلا لمشكلتكم سموه “خميسة الألمانية” ولكن كونكم خواجات ترفضون الحلول من علماء الدول النامية.