عاجلمقالات

د ياسرجعفر يكتب: وجوب ايمان كافة المخلوقات برسالة النبي محمد

هذه الرساله الي كل من يشكك في رسالة رسول الانسانيه صلي الله عليه وسلم والذين يشككون هم شياطين الانس والجن، نعم ! اصحاب التشكيك هم تجدهم من اليهود ومن علي شكالتهم من الصهيونيه الامريكيه والاسرائليه، والشيعه والعلمانيين والمسلم الملبوس بجن كافر، رسالة رسول الانسانيه صلي الله عليه وسلم رساله للعالم اجمع لكافه الناس لانس والجن قال تعالي: (*وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ*﴾

[ سبأ: 28]

يخبر تعالى أنه ما أرسل رسوله صلى اللّه عليه وسلم, إلا ليبشر جميع الناس بثواب اللّه, ويخبرهم بالأعمال الموجبة لذلك، وينذرهم عقاب اللّه, ويخبرهم بالأعمال الموجبة له, فليس لك من الأمر شيء، وكل ما اقترح عليك أهل التكذيب والعناد, فليس من وظيفتك, إنما ذلك بيد اللّه تعالى، { *وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ* }- أي: ليس لهم علم صحيح, بل إما جهال, أو معاندون لم يعملوا بعلمهم, فكأنهم لا علم لهم.

ومن عدم علمهم, جعلهم عدم الإجابة لما اقترحوه على الرسول, مجبا لرد دعوته.

وعن ابي هريره رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(*والَّذي نفسي بيدِه لا يسمعُ بي رجلٌ من هذه الأمَّةِ ، ولا يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ثمَّ لم يؤمِنْ بي إلَّا كان من أهلِ النَّارِ*) اخرجه مسلم،

النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أُرسِلَ إلى النَّاسِ كافَّةً، وشَمِلَت دَعوتُه اليَهودَ والنَّصارى وجَميعَ أُمَمِ الأرضِ، ولا يَسَعُ أحَدًا بَعدَ بَعثتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلَّا تَصديقُه واتِّباعُ ما جاء به.

وفي هذا الحَديثِ يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم باللهِ الَّذي نَفسُ محمَّدٍ بيَدِه؛ فاللهُ عزَّ وجلَّ هو الَّذي بيَدِه أنفُسُ جَميعِ الخلائقِ، وكثيرًا ما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُقسِمُ بِهَذا القَسَمِ. وكان قَسَمُه عَلى أنَّه لا يَعلمُ بِرِسالتِه ونُبُوَّتِه أحدٌ مِمَّن هو مَوجودٌ في زَمنِه ممَّن عاصَرَه أو مَن جاء بَعدَه إلى يَومِ القيامةِ مِن هذهِ الأُمَّةِ» أي: أُمَّةِ الدَّعوةِ، وهيَ النَّاسُ والجِنُّ كافَّةً؛ إلَّا وَجَبَ عَليه الإيمانُ بِهِ؛ وإن مات ولَم يُؤمِنْ بما جاء به النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ومات كافِرًا، إلَّا كانَ جَزاؤُه أن يَدخُلَ النَّارَ عِقابًا عَلى كُفرِه بِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وبما أُرسِلَ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّ كُلَّ هؤلاءِ ممَّن يَجِبُ عَليه الدُّخولُ في الإسلامِ والإيمانُ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذكَرَ اليَهوديَّ والنَّصرانيَّ من بابِ ذِكرِ الخاصِّ بَعدَ العامِّ، وإذا كان هذا شَأنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع مَن لهم كتابٌ، فغيرُهم مِمَّن لا كِتابَ له أوْلى، كَما في قَولِ اللهِ تَعالَى: {*قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا*} [الأعراف: 158].

وهذا يَدُلُّ عَلى وُجوبِ الإيمانِ برِسالةِ نبيِّنا محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى جَميعِ النَّاسِ ونَسخِ المِللِ بمِلَّتِه، فمَن لم يُؤمِنْ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فليس بمُؤمِنٍ، وهو من أهلِ النَّارِ، حتَّى لوِ ادَّعى أنَّه يُؤمِنُ باللهِ وببَعضِ الرُّسُلِ كمُوسى وعيسى عليهما السَّلامُ

لما بعث محمد صلى الله عليه وسلم وٱمن به من ٱمن وكفر به من كفر رأي بعض أهل الكتاب من اليهود والنصاري , أن يتخذوا لأنفسهم رأيا وسطأ في زعمهم بين المؤمنين به والمكذبين له فقالوا إنه رسول الله حقأ ، لكن لا إلينا بل إلي الأمين ، كأنهم لم يسعهم تكذيبة جملة لما بهرهم من دلائل صدقه ، ولم يستطيعوا في الوقت نفسه مقاومة أهوائهم والنزول عن كبريائهم فيكونون منه كاالتابع من المتبوع ، ففي شأن هذا الفريق سبق هذا الحديث للرد عليهم بأبلغ وجهه وٱكده ، أقسم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالله الذي بيده نفس محمد أي روحه أو ذاته علي أن دعوته موجهة لليهود والنصاري كغيرهم علي السواء ، وأن شريعته ناسخة لما يخالفها من الشرائع ، وأن رسالته للخلق كافة ، حسبما نطق بذلك قوله تعالي :(*قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ۖ قُلِ اللَّهُ ۖ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ۚ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَٰذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ ۚ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَىٰ ۚ قُل لَّا أَشْهَدُ ۚ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ*﴾

[ الأنعام: 19]

قل -أيها الرسول لهؤلاء المشركين-: أيُّ شيء أعظم شهادة في إثبات صدقي فيما أخبرتكم به أني رسول الله؟ قل: الله شهيد بيني وبينكم أي: هو العالم بما جئتكم به وما أنتم قائلونه لي، وأوحى الله إليَّ هذا القرآن مِن أجل أن أنذركم به عذابه أن يحلَّ بكم، وأنذر به مَن وصل إليه من الأمم. إنكم لتقرون أن مع الله معبودات أخرى تشركونها به. قل لهم -أيها الرسول-: إني لا أشهد على ما أقررتم به، إنما الله إله واحد لا شريك له، وإنني بريء من كل شريك تعبدونه معه وقوله عليه السلام في حديث الصحيحين عن جابر بن عبدالله:(*أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجُعِلَتْ لي الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا، فأيُّما رَجُلٍ مِن أُمَّتي أدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لي المَغَانِمُ ولَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وكانَ النبيُّ يُبْعَثُ إلى قَوْمِهِ خَاصَّةً وبُعِثْتُ إلى النَّاسِ عَامَّةً*)

خَصَّ اللهُ سبحانه وتعالى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بما لم يَخُصَّ به أحدًا مِنَ الأنبياءِ قبْلَه.وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بهذه الخِصالِ الَّتي لم تجتمِعْ كلُّها لأحَدٍ مِنَ الأنبياءِ إلَّا له صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ الأولى: أنَّه نُصِرَ بالرُّعبِ مَسيرةَ شهرٍ، فيُقذَفُ في قلوبِ أعدائِه الرُّعبُ وهو على بُعْدِ مَسيرةِ شهرٍ بيْنَه وبيْنَهم، كما قال تعالى: { *سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ*} [آل عمران:151]، وقال في قصة يوم بدر: { *إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ*} [الأنفال:12].الثانية: وجُعِلتِ الأرضُ له مسجدًا وطَهورًا، وهذا مِمَّا خُصَّتْ به هذه الأُمَّةُ؛ فمتى أدركَتِ الرَّجُلَ الصَّلاةُ فإنَّه يُصلِّي في المكانِ الَّذي تُدرِكُه فيه، وإنْ لم يَجِدِ الماءَ فإنَّه يَتيمَّمُ بالتُّرابِ الطاهِرِ وما في حُكْمِه ثمَّ يُصلِّي، فالصَّلاةُ لا تختصُّ بالمساجِدِ المُعَدَّةِ لذلك فقط كما كان على الأُمَمِ السابِقةِ، بل يُصلِّي المسلِمونَ حيثُ أدرَكَتْهمُ الصَّلاةُ مِن الأرضِ، وهذا لا يُنافي أنَّ الصَّلاةَ مَنْهيٌّ عنها في مَواضعَ مخصوصةٍ مِن الأرضِ لِمَعنًى يختصُّ بها، كما نُهيَ عن الصَّلاةِ في أعطانِ الإبِلِ، وفي المَقبرةِ، والحمَّامِ.وفي ذِكرِه أنَّ « التيمُّمَ» مِن خَصائصِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يُشعِرُ بأنَّ الطَّهارةَ بالماءِ ليست ممَّا اختصَّ به عن الأنبياءِ، وإنَّما اختصَّ بالتَّيمُّمِ تيسيرًا وتخفيفًا عندَ انعِدامِ الماءِ، أو عدَمِ القُدرةِ على استِخدامِه.الثالثة: وأُحِلَّت له الغنائمُ، وهي الَّتي يأخُذُها المسلمونَ في حربِهم مع الكفَّارِ، وكلُّ ما يَحصُلون عليه مِن الكفارِ قهرًا، ولم تكنْ تَحِلُّ لِلأنبياءِ قبْلَه كما ورَد في الصَّحيحَينِ عن أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قَالَ: «غزَا نبيٌّ مِن الأنبياءِ؛ فجمَع الغنائمَ، فجاءتْ نارٌ لِتَأكُلَها…*» الحديثَ.الرابعة: وكانتْ بَعثتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلنَّاسِ كافَّةً، فهو خاتمُ الأنبياءِ؛ ولذلك جُعِلَتْ رسالتُه عامَّةً لِتَصِلَ إلى الخَلْقِ كلِّهم، وكان النبيُّ قبْلَه يُبعَثُ إلى قَومِه فقطْ، وعندَ مسلمٍ مِن حديثِ أبي هُريرةَ رَضيَ اللهُ عنه مرفوعًا: « *وأُرسِلْتُ إلى الخَلْقِ كافَّةً، وخُتِم بيَ النَّبيُّونَ*».الخامسة: وأُعطِيَ الشَّفاعةَ، فيَشفعُ لِلنَّاسِ يَومَ القيامةِ في بَدءِ الحِسابِ، وهي الشَّفاعةُ العامَّةُ، أو الشَّفاعةُ العُظْمى، أو غيرُها ممَّا اختصَّ به.والشَّفاعةُ الَّتي اختصَّ بها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن بيْنِ الأنبياءِ، ليست هي الشَّفاعةَ في خُروجِ العُصاةِ مِن النارِ؛ فإنَّ هذه الشَّفاعةَ يُشارِكُ فيها الأنبياءُ والمؤمنونَ أيضًا، كما تَواترَتْ بذلك النُّصوصُ، وإنَّما الشَّفاعةُ الَّتي يختصُّ بها صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن دُونِ الأنبياءِ أربعةُ أنواعٍ؛ أحدُها: شفاعتُه للخَلقِ في فصْلِ القضاءِ بيْنَهم، والثانيةُ: شفاعتُه لأهلِ الجنَّةِ في دُخولِ الجنَّةِ، والثالثةُ: شفاعتُه في أهلِ الكبائرِ مِن أهلِ النَّارِ، فقد قيل: إنَّ هذه يختصُّ هو بها، والرابعةُ: كثرةُ مَن يَشفعُ له مِن أُمَّتِه؛ فإنَّه وفَّر شفاعتَه وادَّخَرها إلى يَومِ القيامةِ، وقد وردَتْ رِواياتٌ صحيحةٌ فيها التَّصريحُ بأنَّ هذه الشفاعةَ هي المُرادةُ في هذا الحديثِ، مِثل ما في الحديثِ الَّذي خرَّجه أحمدُ مِن حديثِ عَمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه عبد الله بنِ عَمرٍو رَضيَ اللهُ عنهما، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قال: « *لقد أُعطِيتُ اللَّيلةَ خَمْسًا، ما أُعطِيَهُنَّ أحدٌ قَبْلي:…، والخامِسةُ هيَ ما هيَ: قيل لي: سَلْ؛ فإنَّ كلَّ نبيٍّ قد سَأل، فأخَّرْتُ مَسألَتي إلى يَومِ القيامةِ، فهيَ لكم ولِمَن شَهِد أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ*».وقد ذكَر بعضُهم شفاعةً خامسةً خاصَّةً بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهي: شفاعتُه في تخفيفِ عذابِ بعضِ المشركينَ، كما شفَع لعمِّه أبي طالبٍ، وجعَل هذا مِن الشفاعةِ المختصِّ بها نبيُّنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. وزاد بعضُهم شفاعةً سادسةً خاصَّةً بالنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهي: شفاعتُه في سبعينَ ألْفًا يَدخُلون الجنَّةَ بغيرِ حسابٍ.ومَن تأمَّلَ النُّصوصَ والرِّواياتِ عَلِم أنَّ الخِصالَ الَّتي اختصَّ بها عن الأنبياءِ لا تَنحصِرُ في خَمسٍ، وقد ذكَر مرَّةً ستًّا، ومرَّةً خَمسًا، ومرَّةً أربعًا، ومرَّةً ثلاثًا؛ بحسَبِ ما تدعو الحاجةُ إلى ذِكرِه.وفي الحديثِ: بيانُ مكانةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عندَ الله سُبحانه وتعالَى.وفيه: بيانُ تفاضُلِ الأنبياءِ على بعضِهم بفَضلٍ مِن اللهِ تعالَى

وانما اختار هذه الصيغة في القسم إلي مافي الافتراء علي الله من المخاطرة بالنفس ، كأنه قال : كيف أجرؤا أن اقول علي الله ماليس لي بحق وروحي في يده وهو القادر علي أن ينتقم من الكاذب ؟ فهذا منه إشارة إلي الآية الكريمة، (*وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44)لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ*) (47) } [الحاقة]

من سنن الله تعالى إفشال محاولات ادعاء الرسالة كذباً وإهلاك المدعين على الله المتكلمين باسمه زوراً وبهتاناً, وساعتها لن يقدر أهل الأرض ولو اجتمعوا على منع الله من إهلاكهم وفضح سريرتهم وإفشال دعوتهم.

فإن هذا ظن منهم بما لا يليق بالله وحكمته فإنه لو تقول عليه وافترى  {*بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ*} } الكاذبة.  { *لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ*} } وهو عرق متصل بالقلب إذا انقطع مات منه الإنسان، فلو قدر أن الرسول -حاشا وكلا- تقول على الله لعاجله بالعقوبة، وأخذه أخذ عزيز مقتدر، لأنه حكيم، على كل شيء قدير، فحكمته تقتضي أن لا يمهل الكاذب عليه، الذي يزعم أن الله أباح له دماء من خالفه وأموالهم، وأنه هو وأتباعه لهم النجاة، ومن خالفه فله الهلاك. فإذا كان الله قد أيد رسوله بالمعجزات، وبرهن على صدق ما جاء به بالآيات البينات، ونصره على أعدائه، ومكنه من نواصيهم، فهو أكبر شهادة منه على رسالته.  { *فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ*} } أي: لو أهلكه، ما امتنع هو بنفسه، ولا قدر أحد أن يمنعه من عذاب الله.

وكلمة (اليد) في الحديث او في ( اليمين) الآية يقول فيها العلماء المحدثون : إن معناها القدرة او القوة وهو استعمال مجازي مشهور يقال لا يدين لي بكذا اي لاقدرة لي عليه ، أما السلف الصالح فقد اشتهر عنهم أنهم لا ؤولون هذه الظواهر ، بل يأخذونها علي حقائقها ، والواقع أنهم لايمنعون اصل التأويل ، ولكنهم يسلكون في تأويلها مسلكأ علميا ، متينا يدل علي علو كعبهم في الفهم رضي الله عنهم ، ويجب ان نفسره هنا لأنه ينفع في مواضيع كثيرة ،

وبيانه انه لما دلت الأدلة القاطعة ، علي مخالفته تعالي للحوادث كان هذا قرينة مانعة عن إرادة المعني الحقيقي المعروف لنا ، فأذن هي مصروفة عن هذا الظاهر يراد بها معني مجازي ، لكننا لم تقم لنا قرينة معينة علي تحديد هذا المعني المجازي ، هل المراد به القدرة أم الإرادة ؟ أم صفة أخري لانعرفها ؟ ام ليس هناك مجاز في المفرد يشار به إلي صفة معينة وإنما هو كلام تمثيلي لتربية المهابة في النفوس ؟ فكل ذلك سائغ في النظر وليس هناك دليل.     يعين واحدأ بخصوصه من هذه المعاني، لذلك وجب ان نقف حيث وقف بنا الدليل، فلنثبت له تعالي مااراده من كلامه علي الوجه الذي اراده ، مع تنزيهه عن المعني الذي نعرفه من صفة المخلوقات نري من هذا أن السلف يجوزون المعني الذي ذهب المحدثون علي انه احتمال يحتمله الكلام ، ولكن لا يلتزمونه التزاما ، لأن القول بالالتزام قول بغير دليل ، فلذلك سكتوا عن الخوض في تحديد معاني هذه الظواهر واكتفوا بمعناها الإجمالي المصروف عن الظاهر ، أما طريق الخلف وهو الخوض في تحديد التأويلات فانما ألجأهم ، إليه ، والله اعلم، ظهور بدع المشبهة والمجسمة وغيرهم ، فأرادوا سد باب الإيهام ودفع الوساوس عن العوام لكيلا يخرجوا عن التنزية ولا يحرموا حول التشبيه جزاهم الله خيرا بما قصدوا ، وغفر لهم تجديد ماحددوا ، وجملة القول ان طريق السلف أليق بالعلماء ، وطريق الخلف أصلح للعوام ، بقي سؤال يجول بالخاطر ، مافائدة القسم في موضوع كهذا يعد من اصول ، مع أن العقائد إنما تثبت بالبراهين ، لا بالحلف وتأكيد اليمين ؟! 

وجوابه أن الفريق الذي سيق الحديث للرد عليه مفروض فيه أنه مؤمن بأصل الرسالة ،ولاشك انه إذا ثبت الإيمان بأصل الرسالة ولم يبق إلا البحث في مدي تلك الرسالة وحدودها ، فأن هذا القدر لايحتاج برهانا عقليا جديدا وإنما يعوزة ان يقول الرسول نفسه : إن رسالته عامة أووخاصة ويؤكد لنا أنه يخبر بذلك عن ربه لا عن رأيه ، فحينئذ ينسحب دليل الصدق العام علي هذا الخبر الخاص لانه لايجتمع في العقل كونه رسولا وكونه مفتريا، علي ان من ينظر في طبيعة الدعوة الإسلامية نفسها لا يسعه إلا الجزم بعمومها لكل الامم ودوامها في كل زمن ، وتفصيل ذلك ربما خرج بنا المقام ، وحسبنا الآن ان ننظر إلي مثل واحد وهو قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه مالك ومسلم واصحاب السنن الاربعه ؛ ( *لقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الغِيلَةِ، حتَّى ذَكَرْتُ أنَّ الرُّومَ وَفَارِسَ يَصْنَعُونَ ذلكَ، فلا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ*) فلو كان شرعه خاصا بأمة من الأمم لها مزاجها الخاص وبيئتها وفوائدها الخاصة فما شأنه بالامم الأخري المخالفه لها في أسلوب معاشها ووسائل إصلاحها ؟! ولكنه يضع قانونا يسري علي العربي والعجمي ، والأمي والكتابي والبادي والحاضر والآتي والمعاصر ، فلذلك لم ينه عن الغيلة نهيا عاما ، لآن الضرر بها ليس مردا في الأقطار ، ولا في كل الامزجة وتركها للقاعدة العامة ( لاضرر ولاضرار) 

لايسمع بي أحد من هذه الأمة : امة الدعوة من يوم بعث إلي يوم القيامة ولا يصح ان يراد أمة الإجابة لقوله : يهودي ولا نصراني وهما صفتان لاحد ، وخصهما بالذكر مراعاة لسبب إيراد الحديث ، ولأنه إذا ثبت الحكم في حق من ترك الإيمان ببعض الرسل كان تارك الإيمان بالرسل كلهم ، كالمشركين ، او تارك الإيمان بالله ، كالماديين  المعطلين ، أحق به واولي ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي ارسلت به : الجملتان معطوفتان علي ( يسمع) او الاولي معطوفة والثانية حالية ، وهذا اقرب أي ثم يموت غير مؤمن والتعبير بكلمة (ثم) إما لاستبعاد حصول الموت علي الكفر من أهل الكتاب بعد سماعهم به ، وإما مراعاة الجانب المفهوم لما سنبينه في اخر الحديث ( إلا كان ) أي صار او كان في علم الله تعالي من أصحاب النار الملازمين لها ، كما هو معني الصحبة ، وعصاة المؤمنين وإن عذبوا بالنار لايسمون من اصحاب النار ، لأنهم إنما ينزلون عند أصحاب النار إلي امد ، ثم يرجعون إلي دارهم التي أعدت لهم ، 

دل الحديث بمنطوقه علي أن الذي يكون من أصحاب النار ، هو من يجتمع فيه أمور ثلاثه: 

اولا: ان يسمع بالرسول صلى الله عليه وسلم ، أي تبلغه دعوته وما جاء معه من دلائل صدقه،

ثانيا : أن لايؤمن بما أرسل به 

ثالثا : ان يموت علي ذالك، ومفهوم ان النجاة من النار يكفي فيها واحد من ثلاثة:

إما أن لايسمع بالرسول صلى الله عليه وسلم اي لاتبلغه دعوته كمن عاش منقطعا عن العالم في جبل او جزيرة ، او راعيا في برية او مشتغلا في منجم او نحو ذلك ، فهذا ليس من اصحاب النار سواء اكان علي دين باطل أم لم يكن علي دين أصلا

وإما ان يسمع دعوته ويؤمن بالذي ارسل به ، وهذا ظاهر ،واما ان يسمع ولا يؤمن، ولكنه لايستمر علي كفره إلي الموت ، فهما تأخر إيمانه ووقع قبل الموت نفع ، ولعل هذا مما تشير ٱليه كلمة (ثم) لكن محل نفع الإيمان قبل الموت مالم يقع حال الغرغرة حين الموت لان الإيمان عند ذالك إيمان اضطراري بالمشاهدة كالإيمان يوم القيامة ، وليس هذا هو الإيمان المكلف به ، فقد امرنا ان نؤمن بالغيب اختيارا ، قال تعالي:(*إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا*﴾

[ الأحزاب: 57]

لما أمر تعالى بتعظيم رسوله صلى اللّه عليه وسلم، والصلاة والسلام عليه، نهى عن أذيته، وتوعد عليها فقال: { *إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ* } وهذا يشمل كل أذية، قولية أو فعلية، من سب وشتم، أو تنقص له، أو لدينه، أو ما يعود إليه بالأذى.

{ *لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا* }- أي: أبعدهم وطردهم، ومن لعنهم [في الدنيا] أنه يحتم قتل من شتم الرسول، وآذاه.{وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } جزاء له على أذاه، أن يؤذى بالعذاب الأليم، فأذية الرسول، ليست كأذية غيره، لأنه -صلى الله عليه وسلم- لا يؤمن العبد باللّه، حتى يؤمن برسوله صلى اللّه عليه وسلم.

وله من التعظيم، الذي هو من لوازم الإيمان، ما يقتضي ذلك، أن لا يكون مثل غيره

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى