د ياسر جعفر يكتب : رسول الإنسانية رحمة للعالمين ونصيحة طبية من الشعير

أرسل الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم محمدًا صلى الله عليه وسلم ليكون رحمةً للعالمين، ولجميع المخلوقات، من الإنس والجن، وحتى الحيوانات والنباتات. وقد أكّد القرآن الكريم هذه الرسالة السامية في قوله تعالى:
﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾
[سورة الأنبياء: 107].
من أبرز دلائل هذه الرحمة أن رسول الإنسانية لم يقتصر على الدعوة الدينية، بل قدم للبشرية نصائح حياتية شاملة، شملت الجوانب الصحية والبيئية. ومن بين هذه النصائح، توجيهه صلى الله عليه وسلم إلى فوائد الشعير كغذاء ودواء، وهو نبات كان يُعرف في ذلك الوقت بشكل أساسي كغذاء للحيوانات.
وكشف النبي صلى الله عليه وسلم، طبيب القلوب ودواؤها، وعافية الأبدان وشفاؤها، للبشرية عن الفوائد العلاجية لهذا النبات البسيط. ففي الحديث النبوي الشريف، وردت الإشارة إلى استخدام الشعير كعلاج فعال لعدد من الأمراض، مما يعكس فهمًا عميقًا للطبيعة وأسرارها.
عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أنَّهَا كَانَتْ إذَا مَاتَ المَيِّتُ مِن أَهْلِهَا فَاجْتَمع لِذلكَ النِّسَاءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إلَّا أَهْلَهَا وَخَاصَّتَهَا أَمَرَتْ ببُرْمَةٍ مِن تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ، فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عَلَيْهَا، ثُمَّ قالَتْ: كُلْنَ منها، فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: التَّلْبِينَةُ مُجِمَّةٌ لِفُؤَادِ المَرِيضِ، تُذْهِبُ بَعْضَ الحُزْنِ*)
الراوي : عروة بن الزبير | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
وفي روايه:
(أنَّها كانَتْ إذا ماتَ المَيِّتُ مِن أهْلِها، فاجْتَمع لِذلكَ النِّساءُ، ثُمَّ تَفَرَّقْنَ إلَّا أهْلَها وخاصَّتَها، أمَرَتْ ببُرْمَةٍ مِن تَلْبِينَةٍ فَطُبِخَتْ، ثُمَّ صُنِعَ ثَرِيدٌ، فَصُبَّتِ التَّلْبِينَةُ عليها، ثُمَّ قالَتْ: كُلْنَ مِنْها؛ فإنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: التَّلْبِينَةُ مَجَمَّةٌ لِفُؤادِ المَرِيضِ، تَذْهَبُ ببَعْضِ الحُزْنِ*).
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، يَتَضمَّنُ هذا الحديثُ صُورةً مِنَ صُورِ الطِّبِّ النَّبويِّ، وهو وصْفُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِلتَّلبينةِ، وإخبارُه أنَّها مَجَمَّةٌ -بفَتْح الميمِ والجيمِ، وتُرْوى (مُجِمَّة) بضَمِّ الميم وكسْرِ الجيم- لِفؤادِ المريضِ، وأنَّها تُذهِبُ بَعضَ الحُزنِ، والمَجمَّةُ: الرَّاحةُ، أي: أنَّها تُريحَ قلْبَ المريضِ وتُذهِبُ عنه الحُزنَ، والتَّلبينةُ طَعامٌ يُصنَعُ مِن الدَّقيقِ واللَّبنِ؛ فإن كانت ثخينةً فهي الخَزيرةُ، وقد يُجعَلُ فيها العَسَلُ واللَّبَنُ، وسمُيِّت تلبينةً لمشابهةِ ذلك الحَساءِ باللَّبَنِ في البياضِ والرِّقَّةِ.
ولذلك كانتْ عائشةُ رضِي اللهُ عنها إذا ماتَ الميِّتُ مِن أهلِها واجتمَعَ النِّساءُ، ثُمَّ تَفرَّقْنَ وبَقِي أهْلُها، تَأمُرُ بِبُرمةٍ، أي: بقِدرٍ مِن حِجارةٍ أو نحْوِه، يُوضعُ فيه التَّلبينةُ وتُطبَخُ، ثُمَّ تَأمُرُ أهلَها مِنَ النِّساءِ أنْ يَأكُلْنَ منها؛ مِن أجْلِ ما سَمِعَتْه مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن أنَّها تُريحُ القلْبَ وتُذهِبُ الحُزنَ، وهذا من التطبيقِ العمَليِّ لأقوالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتوجيهاتِه، ففؤادُ الحزينِ يَضعُفُ باستيلاءِ اليُبسِ على أعضائِه وعلى مَعِدتِه خاصةً؛ لتقليلِ الغِذاءِ، وهذا الغِذاءُ يرَطِّبُها ويُقَوِّيها، ويفعَلُ مِثلَ ذلك بفؤادِ المريضِ، لكِنَّ المريضَ كثيرًا ما يجتَمِعُ في مَعِدَتِه خَلطٌ مراريٌّ أو بَلغميٌّ أو صديديٌّ، وهذا الحَساءُ يجلو ذلك عن المعِدَةِ.
وفي الحَديثِ: أنَّه ينبغي لأهلِ الميِّتِ ألا يَستَسلِموا لأحزانِهم، وأن يحاوِلوا دَفْعَها عنهم قَدْرَ المستطاعِ، أو تخفيفَها على الأقَلِّ، واتخاذُ كُلِّ الوسائِلِ التي تُعِينُ على تقويةِ النَّفسِ والقَلبِ على تحمُّلِ المصيبةِ ومُفارقةِ الأحِبَّةِ.
وفيه: مشروعيَّةُ اجتماعِ النَّاسِ عند أهلِ الميِّتِ؛ ليخفِّفوا عنهم ألمَ الحُزنِ، ويُسَلُّوهم، ويحَثُّوهم على الصَّبرِ
والتلبينة مطحونة جاهزة عند العطارين للاستعمال، وطريقة تحضيرها سهلة وسريعة. يتم وضع خمس ملاعق كبيرة من الشعير المطحون في إناء مع نصف كوب ماء، وتسخن على نار هادئة لمدة ثوانٍ، ثم يُضاف كوب من الحليب الجاموسي أو البقري (ويُفضل البقري إن وجد). تُطبخ على نار هادئة مع التقليب المستمر لمدة ثلاث دقائق، ثم تُضاف ثلاث ملاعق من عسل النحل (إن وجد) وتُقلب. تؤكل قبل الإفطار وقبل العشاء بساعة يومياً لمدة عشرين يوماً متواصلة.
يمكن أيضاً إضافة ملعقة صغيرة من الخميرة الفورية، وفي هذه الحالة تُجهز من الليل وتُترك للصباح، ثم تُؤكل بعد صلاة الفجر.
تُعد التلبينة علاجاً فعالاً لجميع مشاكل الجهاز الهضمي والأمراض النفسية، كما تنشط الدورة الدموية، وتقوي عضلة القلب، وتوسع الشرايين والشُّعب الهوائية، وتساعد في علاج ضيق التنفس، والتهابات الأعصاب، وتقوية العظام، وعلاج مشاكل الظهر، والصداع، والتهابات المفاصل والكلى. كما أنها تساهم في التخلص من الجلطات وتكيسات المبايض، وتقلل مستوى السكر المرتفع في الدم، وتنظم الهرمونات والغدة الدرقية.
، وفي حديث نبوي :(عن عائشة: أنَّهَا كَانَتْ تَأْمُرُ بالتَّلْبِينَةِ وتَقُولُ: هو البَغِيضُ النَّافِعُ)
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
والشعير له فوائد عديدة، حيث أثبتت الأبحاث والدراسات الحديثة أن للشعبر فوائد صحية كبيرة.
و نظرًا لغنى الشعير بالمواد الغذائية الهامة، فإنه يعتبر أحد الأغذية الطبيعية المعززة والمقوية لجهاز المناعة والتي تساعد على حماية الجسم من أمراض مثل نزلات البرد والإنفلونزا، ويساعد الحديد الموجود في الشعير على زيادة حجم الدم والحماية من الأنيميا (Anemia) والتعب وتعزيز إنتاج خلايا الدم الحمراء، كما ويساعد على تعزيز وظائف الكلى.
مفيد لمرضى السكري
يساعد الشعير على السيطرة على السكري من النمط الثاني، إذ يحتوي على كمية كبيرة من الألياف التي تساعد على إبطاء عمليات امتصاص الجلوكوز في الجسم، وقد أظهرت بعض الدراسات أن تناول مجموعة من مرضى السكري للشعير الغني بالألياف قد ساعد على التقليل بشكل كبير من مستويات الجلوكوز والأنسولين في أجسامهم.
تعزيز صحة القلب
تصلب الشرايين هي حالة مرضية تنشأ عن تراكم المواد الدهنية (مثل الكوليسترول) في داخل الأوعية الدموية، ويحتوي الشعير على مادة النياسين التي تساعد على خفض مستويات الكولسترول.
كما ويوصي الأطباء النساء اللواتي يعانين من أمراض القلب والشرايين وارتفاع ضغط الدم بعد بلوغ سن انقطاع الطمث بتناول 6 حصص من الشعير أسبوعيًا، للمساعدة في تعزيز صحة جهاز الدوران والقلب.
تحسين مظهر البشرة
يعتبر الشعير مصدرًا ممتازًا لمادة السيلينيوم التي تساعد على تعزيز مرونة الجلد وحمايته من الشوارد الحرة والضرر.
السيطرة على مستويات الكوليسترول
تساعد الألياف الغذائية الموجودة في الشعير على السيطرة على مستويات الكوليسترول السيء في الجسم وخفضها، ويوصي الأطباء بتناول الشعير بشكل خاص بسبب محتواه القليل جدًا من الدهون وخلوه التام من الكوليسترول.
الحماية من الإصابة بالسرطان
يحتوي الشعر على مواد غذائية معينة تتحول بعد هضمها إلى مواد من الممكن أن تحمي من سرطانات الثدي وأنواع أخرى من السرطانات كذلك
الحفاظ على صحة الأمعاء
يعتبر الشعير مصدرًا ممتازًا للألياف الغذائية، كما وتساعد أعشاب الشعير على توفير الغذاء اللازم لبكتيريا الأمعاء الجيدة، ويساعد الشعير بشكل خاص في تعزيز صحة القولون، وبالتالي:
الحفاظ على حركة منتظمة للأمعاء وإخراج الفضلات بانتظام والحفاظ على نظافة المعدة.
التقليل من فرص الإصابة بسرطان القولون.
التقليل من فرص الإصابة بالبواسير.
خسارة الوزن الزائد
تساعد الألياف التي يحتوي عليها الشعير على الشعور بالشبع دون إضافة أية سعرات حرارية إضافية، ما يجعل الشعير هامًا بشكل خاص لمن يرغبون في خسارة الوزن الزائد، وعمومًا فإن تناول الحبوب الكاملة، مثل؛ الشعير، حيث يساعد على تحسين عمليات الأيض في الجسم، والتقليل من الشعور بالجوع.
الحماية من حصى المرارة
يساعد الشعير على الحماية من الإصابة بحصى المرارة، وذلك بسبب محتواه العالي من الألياف الغذائية والتي تساعد على التقليل من الأحماض التي يتم إفرازها وتراكمها والذي قد يتسبب في حصى المرارة.غني بمضادات الأكسدة
يعتبر الشعير غنيًا بمضادات الأكسدة (Antioxidants) المتنوعة، والتي تقلل من فرص الإصابة بالسرطان وتقلل من فرص الإصابة بأمراض القلب والالتهابات عمومًا.
الحماية من هشاشة العظام
يساعد محتوى الشعير من الفوسفور والنحاس على تعزيز صحة العظام، كما أنه يعتبر أحد الوصفات الطبيعية للسيطرة على حالة المريض بعد الإصابة بهشاشة العظام، وأظهرت الدراسات أن عصير الشعير يحتوي على كميات من الكالسيوم أكبر بكثير من تلك التي يحويها الحليب مثلًا.
ونظرًا لأن العظام تحتاج للمغنيسيوم والحديد لتعزيز صحة العظام، فإن تناول كميات كافية من الشعير يساعد على تزويد الجسم بهذه المواد، معززًا بذلك صحتها.
ومن هنا نطيع رسول الانسانيه صلي الله عليه وسلم كما في قوله تعالي (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) ( سورة الحشر: 7)