أخر الأخبارطاقةعاجل

دكتور محمد نجيب يكتب: روشتة للقضاء على الفقد الكهربائي بكل أنواعه

د. محمد نجيب عثمان
مدير عام دراسات التكلفة للشركات بالشركة القابضة لكهرباء مصر

تنويه: هذه المقالة نشرت في مجلة الكهرباء العربية ، العدد 154، بعنوان : الحد من الفقد في الطاقة لأغراض خفض التكلفة في شركات التوزيع .    ويعيد موقع القاهرة اليوم نشرها للحاجة الماسة إليها في الوقت الراهن .

تأخذ مشكلة الفقد في الطاقة الكهربائية أهمية كبرى في شركات توزيع الكهرباء لأغراض تحقيق وفورات في تكاليف وحدة الطاقة .. فقد فرضت التطورات الاقتصادية وما تتمتع به هذه الشركات من أهمية خاصة بالنسبة للاقتصاد الوطني المصري الاتجاه نحو تطوير قطاع الكهرباء في مصر في المرحلة القادمة .. حيث تم إصدار قانون الكهرباء الجديد رقم 87 لسنة 2015 ولائحته التنفيذية لإعادة تأهيل شركات الكهرباء ورفع الدعم وإعادة هيكلة عملية تسعير الكهرباء لشرائح المستهلكين للعمل نحو تطبيق آليات السوق في ظل ظروف تنافسية تتطلب تحقيق وفورات في عناصر تكلفة وحدة الطاقة. وفي هذا العدد.. سوف نتناول منهج اجرائي للحد من الفقد في الطاقة في شركات توزيع الكهرباء لأغراض خفض التكاليف من خلال الأتى :

 فقد الطاقة والمنظور الاستراتيجي للتكاليف
تميزت ملامح بيئة الأعمال الحديثة بعدة مزايا أهمها حدة المنافسة وأن معظم الوحدات التي تتعامل في صناعة واحدة تسعى للوقوف على المحددات المؤثرة في قوة المنافسة، والتي تتمثل في حجم وقوة وعدد المنافسين ومعدل النمو في الصناعة وقدرة الوحدة الاقتصادية على توفير منتج أو خدمة ذات جودة عالية بتكلفة منخفضة .. كذلك قدرة الوحدة على ترشيد تكلفتها الثابتة وحسن استغلال الطاقة المتاحة لديها وتطويرها لتحقيق الخيارات الاستراتيجية التي تحقق البعد التنافسي .. ويمثل عنصر تكلفة الفقد في الطاقة أهم العناصر التي تحقق الخفض الاستراتيجي لتكلفة وحدة الطاقة لأغراض التسعير العادل للكهرباء في ظل وجود معدلات فقد معيارية .. ويتطلب ذلك تضافر جميع الجهود للسعي نحو القضاء على هذه الظاهرة .

 الفقد في الطاقة الكهربائية – المفهوم و الأنواع:
يُعرف مفهوم الفقد في الطاقة في قطاع الكهرباء بصفة عامه بأنه الفرق بين الطاقة الكهربائية المولدة من محطات توليد الكهرباء وبين الطاقة الكهربائية المستهلكة فعلاً بواسطة المشتركين. وفي شركات توزيع الكهرباء يتمثل الفقد في الفرق بين الطاقة المشتراة والطاقة المباعة .. وينقسم الفقد في الطاقة الكهربية إلى فقد فني وفقد تجاري. ويعرض الشكل التوضيحي رقم (1).. أنواع الفقد في الطاقة في شركات الكهرباء.

 

أولا .. الفقد الفني Technical losses
يًعرف الفقد الفني بأنه فقد الطاقة الكهربائية خلال عمليات نقل وتوزيع الطاقة الكهربائية عبر شبكات الكهرباء، والمتمثلة في خطوط نقل الكهرباء ومحولات وأجهزة تحكم وحماية وقياس الطاقة، وهذا النوع من الفقد يمثل فقد طبيعي لا يمكن إلغاءه، وفقاً للطبيعة الفنية لعملية نقل الكهرباء .. وإنما يمكن تخفيضه من خلال اجراءات تحسين الشبكة الكهربائية. ويتضمن الفقد الفني الطاقة الفعالة والطاقة غير الفعالة في الشبكات أثناء عملية التوزيع. وهكذا نشير إلى أن .. كمية الفقد الفني تعتمد على خصائص مكونات الخطوط والشبكات لعمليات النقل والتوزيع وكذلك أسلوب تشغيلها وينقسم الفقد الفني في الشبكة إلى:
1. الفقد في الكابلات والخطوط الهوائية : ويحدث هذا الفقد بسبب مرور التيار الكهربائي خلال الموصل – المقاومة – مما يترتب عليه فقد جزء من الطاقة الكهربائية لتحويلها إلى طاقة حرارية .. كذلك نتيجة عزل الكابلات (Dielectric) .
2. الفقد في المحولات: وينقسم إلى نوعين من الفقد .. فقد الأحمال أو الفقد الحديدي (No Load Losses) ويحدث نتيجة ربط المحول بالشبكة الكهربائية حتى ولو لم يتم تحميل المحول بعد .. وكذلك فقد الحمل (Copper Losses) وهو الفقد الناتج من مرور تيار كهربائي خلال الموصل ويعتمد على نسبة تحميل المحول ووسائل تبريده.
3. فقد النقاط الساخنة: ويمثل الفقد الناتج عند نقاط ربط الشبكة الكهربائية بالأكشاك أو الصناديق ويحدث نتيجة عدم الربط الجيد بينهما .. مما يترتب عليه احداث ثغرة هوائية تتسبب في سخونة هذه النقطة وحدوث فقد الطاقة بها.


طرق حساب الفقد الفني:
1) بالنسبة لفقد الكابلات والخطوط الهوائية .. يتم حساب نسبة التحميل الفعلية للكابلات المستخدمة في الشركة لكل إدارة ونسبة مشاركته من الحمل باتخاذ الإجراءات الأتية:
o حساب الحمل الفعلي عند أقصى حمل.
o حساب مجموع مساحات مقاطع الكابلات التي يمر بها التيار.
o حساب متوسط مقاطع الكابلات التي يمر بها هذا التيار.
o حساب التيار المار بكل كابل أو خط هوائي – مساحة المقطع * كثافة التيار-.
o بمعرفة أطوال الموصلات ومقاومتها ومعامل الفقد يتم حساب الفقد الكلى في الموصلات.
2) بالنسبة لفقد المحولات .. يتم حصر محولات الشبكة من حيث – محولات نمطية (زيتية) – محولات قليلة الفقد (زيتية-جافة) .. ويتم حساب الفقد الحديدي وفقد الحمل لكل نمط من أنماط المحولات على حدة عند متوسط درجة حرارة للمحولات 75 درجة مئوية طوال العام مع الأخذ في الاعتبار درجة حرارة الموصل ونوع عزل الموصل لأغراض حساب فقد الكابلات losses-dielectric .
ثانياً .. الفقد التجاري Commercial losses
يمثل الفقد التجاري الفرق بين الفقد الكلى للطاقة الكهربائية والفقد الفني .. أو الفرق بين إجمالي الطاقة المشتراة والطاقة المباعة للمستهلكين بعد استبعاد الفقد الفني .. حيث أن كمية الطاقة المباعة لمستهلكي شركات التوزيع على الجهد المتوسط تتمثل في الطاقة المباعة للعملاء المتعاقدين على قدرة أكبر من 500 ك. و .. في حين أن الطاقة المباعة على الجهد المنخفض تتمثل في: إجمالي كمية الطاقة المباعة للاستخدامات المنزلية والمحلات التجارية وكذلك إجمالي كمية الطاقة المباعة لكبار عملاء التوزيع حتى 500 ك و بالإضافة إلى كمية الطاقة لإستخدامات الإنارة العامة.
ويمكن إيجاز أهم أسباب الفقد التجاري في الحالات الأتية..
1. سرقة التيار الكهربي .. وتمثل النسبة الأكبر من الفقد التجاري.
2. وجود أخطاء وانحرافات في عدادات قياس الاستهلاك.
3. انخفاض درجة دقة العدادات الميكانيكية.
4. عدم تناسب محولات التيار مع أحمال المشترك – حيث يقوم بعض المشتركين بتخفيض أحمالهم لأسباب اقتصادية دون الرجوع لشركات التوزيع المتخصصة.
5. أخطاء ثوابت القراءة بالعدادات.
6. وجود تراكمات استهلاك بالعدادات (مؤجلات).
7. وجود بعض الأخطاء في توصيلات عدادات قياس الاستهلاك.
8. صعوبة رفع قراءات العدادات عند بعض المشتركين.
 المنهج المقترح للحد من الفقد ( الفني والتجاري ) في شركات توزيع الكهرباء:
إن القضاء على مشكلة الفقد في الطاقة في شركات التوزيع .. تتطلب عمل مؤسسي ممنهج تتضافر معه جميع الجهود في مختلف القطاعات للعمل معاً في محاور متوازية ومتكاملة في نفس الوقت للقضاء على الفقد الفني والتجاري أو على الأفل تخفيضه إلى أدنى حد ممكن .. يتضمن هذا المنهج خطة عمل تهدف إلى التوصل لنسبة فقد تقترب من النسب المعيارية .. من خلال القيام بالإجراءات التالية:
(1) اجراءات لتحديد الادارات ذات القيم الأعلى في نسبة الفقد في الشركة:
 تركيب عدادات على مراكز التغذية والأكشاك والموزعات لحصر الفقد ومن ثم علاجه.
 تحديد غرف المحولات التابعة للإدارة وذلك من خلال ادارة الشبكات التابعة لها الغرفة.
 التأكد من تركيب عداد مجمع أحمال الغرفة ومراجعة توصيلاته من خلال ادارة العدادات.
 حصر عدادات التوابع التي يتم تغذيتها من الحجرة لكل محول على حدة ومراجعة التوصيلات.
 تحديد كمية الفقد من خلال استهلاكات العداد المجمع وعدادات التوابع للغرفة.
 إعادة حساب نسبة الفقد للمحول بعد تلافى ملاحظات الغرفة للوصول للنسبة المعيارية.
(2) إجراءات تخفيض الفقد الفني:
1. زيادة مساحة مقاطع الكابلات المستخدمة في الشبكات القائمة .. بما يؤدى إلى انخفاض المقاومة الناتجة عن مرور التيار الكهربي بها – بالنسبة لكابلات الجهد المتوسط يتم الاحلال التدريجي للكابلات ذات مساحة المقاطع الصغيرة بكابلات قطاع 3*240مم2- وبالنسبة لكابلات الجهد المنخفض يتم الاحلال التدريجي للكابلات قطاع 3*120+70 مم2 بكابلات قطاع 3*185+95 مم2.
2. استخدام محولات قليلة الفقد بدلا من المحولات النمطية التي يتم رفعها من الشبكة.
3. مراعاة ضرورة اتزان الأحمال في جميع الكابلات والخطوط الهوائية من خلال القياسات الدورية ووضع حلول فورية لعدم الاتزان.
4. تفعيل الإلتزام باستخدام المرشحات التوافقية للحد من حدوث توافقيات بالشبكة يكون مصدرها بعض المشتركين على أن يتم تحديدهم من خلال القياسات الدورية لعناصر جودة التغذية الكهربية.
5. تفعيل إجراء الصيانة الدورية للأراضي (EARTHING) بأجزاء الشبكات المختلفة.
6. التوسع في استخدام الكاميرات الحرارية لاكتشاف النقاط الساخنة بمكونات الشبكات لاتخاذ الإجراءات الفورية حيالها.
7. التوسع في استخدام الجهد المتوسط 22 ك.ف بدلا من 11 ك.ف في شبكات التوزيع.
8. الاهتمام بوصلات الربط في نقاط الشبكة المختلفة.
9. حصر وتجديد الشبكات المتهالكة والقديمة.
10. إجراء الصيانة الدورية لمهمات الشبكة (موزعات-محولات-…الخ)
11. تنظيم برامج القياس الدوري واتخاذ الإجراءات العلاجية في ضوء نتائج القياس وذلك من خلال عدد من الإجراءات أهمها .. تحسين ظاهرة عدم الاتزان الكهربائي – تغيير المحولات المحملة ومراجعة الغير محملة – مراقبة تحميل الكابلات ومعالجة تحميلها – مراقبة وتصحيح أوضاع الانخفاض في الجهد.
مواجهة الفقد في المناطق ذات الأحمال الصناعية .. يتم من خلال اتباع الإجراءات التالية:
 توحيد اتجاه الدوران لكل غرفة محول وذلك لعدم تغيير اتجاه الدوران عند تغيير Phase Sequence من مصدر الجهد المتوسط، وسيترتب على ذلك عدم انعكاس التيار لدى المشترك وتوفير قيمة السكاكين القلاب وضمان عدم توقف عدادات الطاقة الميكانيكية والتي تمثل 70% من عدادات مشتركي المصانع حالياً، وبذلك يتم حساب قيمة فروق معامل القدرة بطريقة صحيحة تعود بعائد مادى على الشركة.
 دراسة اتزان الأحمال للمصانع والتوجيه بتوزيع الأحمال الأحادية على الفازات الثلاثة.
 التوسع في استخدام المكثفات لتحسين معامل القدرة لدى المشتركين.
 دخول الميكنة في جميع مكونات الشبكة (موزعات – غرف محولات – …).
 معالجة النقاط الساخنة بشبكتي الجهد المتوسط والمنخفض.
 إعادة تدوير المحولات بحيث تكون نسبة تحميل المحولات من 40% إلى 80% لتحقيق الاستخدام الأمثل لها.
 تحديد كمية الفقد من خلال استهلاكات العداد المجمع وعدادات التوابع للغرفة وفقاً للإجراءات الواردة في البند أولاً وإعادة حساب قيمة الفقد للمحول بعد تلافى ملاحظات الغرفة للوصول للقيم النمطية.
(3) اجراءات تقليل الفقد التجاري:
يعتبر تخفيض الفقد التجاري أحد الأهداف الاستراتيجية في قطاع الكهرباء وذلك من خلال الإجراءات التالية:
 مسح شامل لجميع العدادات المركبة على الجهود ومراجعة التوصيلات ومعايرتها بالأجهزة الحديثة.
 تعميم استخدام العدادات الإلكترونية مع إحلال العدادات الميكانيكية المستخدمة حاليا بالشبكة بأخري الكترونية.
 مراجعة عدادات المساجد الأهلية والتابعة للأوقاف وتغيير العدادات التالفة بأخرى مسبوقة الدفع.
 العمل على تعميم نظم قراءة العدادات عن بعد(AMR).
 إلزام الادارات التجارية بإحضار تراكمات الاستهلاك بالعدادات.
 ضرورة القيام بتركيب عدادات التي تسمح بقياس أقص حمل لجميع مشتركي الجهد المنخفض.
 تكثيف المرور على عدادات كبار المشتركين لمعايرتها ومراجعة التوصيلات وثوابت العدادات مع تكثيف حملات التفتيش لمكافحة الفقد.
 مراجعة عدادات قياس الاستهلاك المركبة بولاعات الإنارة العامة والتأكد من سلامتها.
 تغيير العدادات العاطلة التي يتم الإبلاغ عنها فوراً بعدادات مسبوقة الدفع مع التوسع فيها.
 تفعيل دور الضبطية القضائية بالتعاون مع مباحث الكهرباء للحد من السرقات.
 توعية المواطنين بطرق ترشيد الاستهلاك.
بالنسبة لمواجهة الفقد في المناطق ذات الأحمال السكنية .. يتم من خلال اتباع الإجراءات التالية:
 التأكد من تركيب عدادات مجمعة للعقارات لحصر الفاقد والسرقات داخل العقار.
 تركيب عدادات مجمعة لغرف المحولات ودراسة نسبة الفقد لكل محول على حدة والوصول بنسبة الفقد إلى النسبة المعيارية .
 يتم تركيب العدادات للعقارات الجديدة بعد التأكد من أن عامود الصاعد أربعة أطراف للعقار والتأكد من توزيع أحمال العقار على 3 فازات.
 دراسة اتزان الأحمال للعقارات القائمة والعمل على ضبط اتزان الحمل للعقارات.
 مراجعة توصيلات العدادات التابعة للمحول وإعادة حساب نسبة الفقد بعد تلافى ملاحظات الغرفة حتى الوصول للنسبة المعيارية.
وهكذا يتبين .. أن الفقد في الطاقة الكهربائية في شركات توزيع الكهرباء مشكلة بالغة الأهمية تتطلب تضافر جميع الجهود للسعي نحو القضاء على هذه الظاهرة .. ويمثل التطوير التدريجي للشبكة الحالية من شبكة تقليدية إلى شبكة ذكية تستخدم التكنولوجيا الحديثة ونظم المعلومات والتفاعل الكامل بين المشغل والمستهلك لإدارة الطلب على الطاقة والاستفادة الكاملة من كافة الامكانيات المتاحة .. مع ضرورة تبني إدارة هذه الشركات مفاهيم وأدوات الإدارة الاستراتيجية للتكلفة .. واستبعاد تكلفة الفقد في الطاقة غير المسموح بها.. والتي تتسبب في تضخم تكلفة وحدة الطاقة الكهربائية .. ليعاد تحميلها على فاتورة المشتركين بشكل غير عادل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى