دكتور ياسر جعفر يكتب: ياعزة الامة حينما يكون الحاكم شجاعا وأمينا

حينما يكون الرئيس والملك والامير شجاعا وامينا تكون الأمة في اعتزاز وكرامة، ياحلاوة الامة حينما يكون الحاكم شجاعا وامينا تجد الشعوب في اعتزاز وكرامه وقوة ، واذا كان هناك العكس فتجد كما نحن فيه امة ذليلة منكسرة الكل بيستهزء بها ، أمة تقطع اشلاء وتحرق وتدمر ، تقريبا لاتجد امة ، شوية مرتزقه استخدموا اسلحة الخيانة لتدمر الامة ، فايلها من امة ليست غير موجوده ولا يراها احد ، شعوب تحت فقر الذل والهوان والضعف والانكسار.
فياكرامه الامة حينما يكون الحاكم شجاعا وامينا، نريد حكاما مثل سلمة بن الاكوع كان شجاعا وامينا ،
ففي الحديث النبوي الشريف:(*عن سلمةَ بنِ الأكوعِ قالَ : أغارَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عيينةَ علَى إبلِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقتلَ راعيَها فخرجَ يطردُها هوَ وأناسٌ معَه في خيلٍ فجعلتُ وجهي قِبلَ المدينةِ ثمَّ ناديتُ ثلاثَ مرَّاتٍ يا صباحاهُ ثمَّ اتَّبعتُ القومَ فجعلتُ أرْمي وأعقرُهم فإذا رجعَ إليَّ فارسٌ جلستُ في أصلِ شجرةٍ حتَّى ما خلقَ اللَّهُ شيئًا من ظَهرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلَّا جعلتُه وراءَ ظَهري وحتَّى ألقَوا أكثرَ من ثلاثينَ رمحًا وثلاثينَ بُردةً يستخفُّونَ منها ثمَّ أتاهم عيينةُ مَددًا فقالَ ليَقم إليهِ نفرٌ منكم فقامَ إليَّ أربعةٌ منهم فصعَدوا الجبلَ فلمَّا أسمعتُهم قلتُ أتعرفوني قالوا ومَن أنتَ قلتُ أنا ابنُ الأكوعِ والَّذي كرَّمَ وجهَ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يطلبُني رجلٌ منكم فيدرِكني ولا أطلبُه فيفوتُني فما بَرحتُ حتَّى نظرتُ إلى فوارسِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يتخلَّلونَ الشَّجرَ أوَّلُهمُ الأخرمُ الأسديُّ فيلحقُ بعبدِ الرَّحمنِ بنِ عُيَينةَ ويعطفُ عليهِ عبدُ الرَّحمنِ فاختلفا طعنتَينِ فعقرَ الأخرمُ عبدَ الرَّحمنِ وطعنَه عبدُ الرَّحمنِ فقتلَه فتحوَّلَ عبدُ الرَّحمنِ علَى فرسِ الأخرمِ فيلحقُ أبو قتادةَ بعبدِ الرَّحمنِ فاختلفا طعنتَينِ فعقرَ بأبي قتادةَ وقتلَه أبو قتادةَ فتحوَّلَ أبو قتادةَ علَى فرسِ الأخرمِ ثمَّ جئتُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ علَى الماءِ الَّذي جلَّيتُهم عنهُ ذو قردٍ فإذا نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في خمسِ مائةٍ فأعطاني سَهمَ الفارسِ والرَّاجلِ*)
الراوي : سلمة بن الأكوع | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2752 | خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُوزِّعُ الغَنائِمَ على المقاتِلين كما أمَرَهُ اللهُ سُبحانَهُ وفَوَّضَه، وكانَ الصَّحابيُّ الجليلُ سلَمةُ بنُ الأَكْوَعِ رضِيَ اللهُ عنه مِقدَامًا شُجاعًا، يُدافِعُ عَنْ حُرَمِ الإسلامِ بِكُلِّ قُوَّتِه، وقدْ ظَهرَ ذلك في مَواقِفَ كَثيرةٍ، وهَذا الحديثُ يُوضِّحُ جانبًا مِن ذلكَ، حيثُ يَحكِي سَلمةُ بنُ الأَكْوعِ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّه: « *أَغارَ عَبدُ الرَّحمنِ بْنُ عُيينةَ*»، أي: هَجَمَ، « *على إِبِلِ رَسولِ اللهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَتلَ راعِيَها وَخَرجَ يَطرُدُها*»
أي: يَسوقُ الإبِلَ لِيأخُذَها، «هو وأُناسٌ معه في خَيلٍ»، أي: ومعه فرسانٌ بِخيولِهم، « *فَجعَلتُ وَجْهي قِبَلَ المدينة ثُمَّ نَاديتُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: يا صَباحاهُ*»، وهي كَلِمةٌ يَقولها المُستَغيثُ للتَّحذيرِ من شَرٍّ أو عَدوٍّ، « *ثُمَّ اتَّبَعْتُ القَومَ فَجعلتُ أَرْمي وأعْقِرَهم*»،
أي: أَرْمي بِالسِّهامِ وأقْتُل مَركوبَهم وخُيولَهم وأجْعَلهم راجِلينَ بِعَقْر دَوابِّهم، « *فإذا رَجعَ إِليَّ فارِسٌ جَلستُ في أصْلِ شَجَرةٍ*»، أي: مُتوارِيًا في جِذعِ شَجَرةٍ،
« *حتى ما خَلَقَ اللهُ شيئًا من ظَهْرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلا جَعلْتُه وراءَ ظَهْرِي*»،
والظَّهرُ: هي الإبِلُ التي أخَذوها، ويُريدُ أن جَميعَ ما أخَذوه من إبِلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخَذْتُه منهم وتَركْتُه خَلْفي، وجَعَل يَتتَبَّعهم ،
*وحتى أَلْقَوا أكْثَرَ من ثَلاثينَ رُمحًا وثَلاثينَ بُردةً*»، وهي كِساءٌ صَغيرٌ مُربَّعٌ، أو كِساءٌ أسودُ صَغيرٌ، *يَستَخِفُّونَ منها* أي: يَطلبونَ الخِفَّةَ منها ؛ ليكونوا أسْرعَ في الفِرارِ والهَربِ منه *ثم أتاهُمْ عُيينةُ مَدَدًا*»؛
وهو عُيينةُ بْنُ حِصن والد عَبدِ الرَّحمن الذي أغارَ على الإِبلِ، والمَددُ: هو مَن يَنصُرُهم ويُعينُهم، «فَقَالَ»
أي: عُيينةُ: « *لِيقُم إليه نَفرٌ منكم، فقام إِليَّ أرْبَعةٌ منهم فصَعِدوا الجَبلَ، فلمَّا أسْمَعْتُهم*»، أي: قَدرْتُ على إِسْماعِهم بِقُربِهم منِّي، «قلتُ: أتَعْرِفوني؟
قالوا: ومَن أنْتَ؟ قلتُ: أنا ابْنُ الأكْوَع، الذي كَرَّم وَجْهَ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا يَطلُبُني رَجلٌ مِنكُم»، أي: يُطارِدُني ويُريدُ قَتْلي، « *فَيُدرِكُني، ولا أَطْلُبُه فَيَفوتُني*»، وهذا تَهديدٌ لهم بِأنَّهم لن يَفوزوا به،
بل هو مَن سَيقتُلُهم؛ قال: « *فما بَرِحتُ حتى نَظرتُ إلى فَوارسِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ*»؛ والفوارسُ: جمعُ فارِسٍ وهم المقاتِلونَ على الخَيلِ، *يَتخَلَّلونَ الشَّجرَ*»، أي: يَدخُلونَ من بين الشَّجرِ،
« *أَوَّلُهم الأَخْرَمُ الأسَدِيُّ، فيَلْحَق بِعبْدِ الرَّحمنِ بْن عُيينةَ، ويعْطِفُ عليه عبدُ الرَّحمنِ فاخْتلَفا طَعنَتين فَعَقر الأخْرَمُ عَبدَ الرَّحمن*»، أي: قَتلَ الأخْرَمُ الأسَدِيُّ دَابَّةَ عبد الرحمن، «وطَعَنَه عَبدُ الرَّحمن فَقَتلَه»،
أي: فقتَل عَبدُ الرَّحمن رَئيسُ المُشركين الأخْرمَ الأَسَديَّ، « *فتَحوَّل عَبدُ الرَّحمنِ عَلى فَرسِ الأخْرَم*»، أي: أخَذه لِيفِرَّ به، « *فَيلحَق أبو قَتادة بِعبْد الرَّحمن، فاخْتَلفَا طَعْنَتين فَعَقَرَ بأبي قَتادَةَ*»
أي: قَتَلَ دابَّةَ أبي قَتادة، «وَقتلَه أبو قَتادة، فَتحَوَّل أبو قَتادةَ على فَرسِ الأخْرَم، ثُمَّ جِئتُ إلى رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو على الماءِ الذي جَلَّيْتُهم عنه»، أي: طَردْتُهم عنه، « *ذو قَرَدٍ*»؛ وهو مَاءٌ بين المدينةِ وخَيبرَ على مَسافةِ يَومٍ من المدينةِ، أي: يَقَعُ على بُعدِ ثَلاثينَ كيلومترًا تقريبًا منها، « *فإذا نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في خَمسِ مِئة*»، أي: وَجدَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَاكبًا في خَمسِ مِئة رَجُلٍ، كانوا يَتجَهَّزونَ للُّحوقِ بهم، « *فأعْطاني سَهمَ الفارِسِ والرَّاجِلِ*»؛ والفارسُ له سَهمٌ لِنفْسِه وسَهمٌ لِفرَسِه، والرَّاجِلُ- وهو الذي قاتَل عَلى رِجلَيهِ- له سَهمٌ وَاحدٌ، وقيل: يُشبِه أن يَكونَ إنَّما أعْطاهُ من الغَنيمةِ سَهْمَ الرَّاجِلِ؛ لأنَّ سَلمةَ كَان راجِلًا في ذلك اليومَ، وأعطاهُ الزِّيادةَ نَفلًا لِما كان مِن حُسنِ بَلائِه.
وفي الحديث: بيانُ شَجاعةِ سَلمةَ بنِ الأكْوَعِ ومَنْقَبتِه، حَيثُ كان خيرَ رِجالِ المسلمينَ في هذِه الواقعة. وفيه: أنَّ للنَّبيِّ أنْ يُوزِّعَ الغنائِمَ كيف شاءَ على المُقاتِلينَ وأنْ يَزيدَ مَنْ كان له بَلاءٌ في القِتالِ.
وفيه: بَيانُ اخْتِلافِ أسْهُمِ المحارِبينَ في الجِهادِ لاختلافِ دَورِ كلٍّ مِنهم ولاختلافِ جهْدِه
سلمة بن الاكوع الشجاع الامين لن يرضي علي اخذ الابل واعترض الاعداء بكل قوة وشجاعه وامانة ، فهل لو سلمة عايش الي الان كان سمح للصهيونيه الامريكية والاسرائلية استولي علي مقدرات الدول من البترول والغاز ومناجم الذهب وجميع المعادن ، والاستيلاء علي مقدرات الشعوب لانفاقها علي اعداء الاسلام لضرب اخواننا في كل دول المسلمين؟!
كان سلمة لايرضي علي هذه المهانة والاذلال ولا يرضي ان ياخذوا تراب الوطن ! حينما يكون الحاكم شجاعا وامينا فتكون الامة في سعادة وقوة يخشاها كل متٱمر وكل غاصب وظالم !
يقول الله – تعالى – على لسان إحدى ابنتي شعيب – عليه السلام – لما اقترحت على أبيها أن يتخذ سيدنا موسى – عليه السلام – مسؤولاَ بالأجر: ﴿ *يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ* ﴾ [القصص: 26]. قال الإمام الطبري – رحمه الله -: “تقول: إن خير من تستأجره للرعي، القويُّ على حفظ ماشيتك، والقيامِ عليها في إصلاحها وصلاحها، الأمينُ الذي لا تَخاف خيانته فيما تأمنه عليه”.
وقال ابن عباس – رضي الله عنه -: “*أمين فيما وَلِيَ، أمين على ما استُودع*”
إن الأمانة من أعظم الركائز التي قامت عليها السماوات والأرض، وأعلى أنواع الأمانة، حفظُ الدين، والذودُ من أجل إقامة فرائضه، وحد حدوده.
قال تعالى: ﴿ *إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾[الأحزاب: 72]. قال قتادة: “الأمانة: الدين، الفرائض والحدود”. وقال الطبري: “*وقال آخرون: بل عُني بالأمانة في هذا الموضع: أماناتُ الناس*”.
وترتقي خطورة الأمانة في الإسلام إلى درجة تكون علامة على الإيمان أو عدم الأيمان. قال نبينا – صلى الله عليه وسلم -: “لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ”صحيح الجامع.
ومقعد الإنسان في الآخرة هو مقعده في الدنيا، هو يصنعه بيده، وهو يوجهه إلى ما اختار من جهته. فمن اتخذ مقعدا في الدنيا ليباهي به، أو يقضي مصالحه به، أو يعزف عن مصالح الناس التي علقت بعنقه، فقد خاب وخسر. فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِي – رضي الله عنه – أَنَّ رِجَالاً مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله – صلى الله عليه وسلم – كَانُوا إِذَا خَرَجَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِلَى الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ الله – صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا قَدِمَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ، وَحَلَفُوا، وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ: ﴿ *لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ* ﴾ [آل عمران: 188]
وعن أبي ذر – رضي الله عنه – قال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني – أي: ألا تعطيني ولاية أو إمارة -؟ قال: فضرب بيده – صلى الله عليه وسلم – على منكبي ثم قال: “يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه” مسلم.
ولما جاء أهل نجران إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يلتمسون منه مسؤولا أمينا، يقف على حاجاتهم، ويقضي مصالحهم، ويحسن إدارة شؤونهم، قال لهم: “*لأبعثن إليكم رجلا أمينا حَقَّ أَمِين*”.
قال حذيفة: فاستشرف لها الناس. فبعث أبا عبيدة بن الجراح. متفق عليه، وهو الرجل المناسب في المكان المناسب، الذي قال فيه – صلى الله عليه وسلم -: “لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح” متفق عليه.
فاالامة تحتاج لمثل هؤلاء الرجال الذين ملؤا الارض عدلا وامنأ وامانا وشجاعة ورجولة وكرامة!
الأمين يعلم أنه مراقب على عمله، والرقيب هو الله، مسؤول عن وظيفته ومسؤولياته، والسائل هو الله. قال تعالى: ﴿ *هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* ﴾ [الجاثية: 29].
وفي الحديث: “كُلُّكم راعٍ، وكُلُكم مسؤولٌ عن رعيَّته” متفق عليه.
الأمين يعلم أن الغش في الوظيفة يجر عليه ويلات الدنيا والآخرة، في الدنيا يفضحه الله، فيكتشف الناس كذبه، وخيانته، وتزويره، فيعيش بقية عمره ذليلا مهينا، مشارا إليه بأصبع المكر والخيانة. ويوم القيامة يفضحه الله على رؤوس الأشهاد، خزياً وعاراً وشناراً. قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ”
*إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ*”.
الأمين يجعل نفسه طوع يد من استأمنه، الذي ما اعتلى منصبه إلا بسبب ثقته فيه، وحسن ظنه به، فيحرم عليه أن يشق على الناس، أو يتماطل في قضاء مصالحهم، أو يتأخر في مد يد العون إليهم. قال تعالى: ﴿ *وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ* ﴾ [المؤمنون: 8]. قال ابن كثير – رحمه الله –
*أي: إذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا عاهدوا لم يغدروا، وهذه صفات المؤمنين*”.
وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: “*اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا، فشق عليهم فاشقُق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفُق به*” مسلم.
ومن مشين الشق على الناس، الاحتجاب عنهم، وإغلاق الباب في وجوههم، والخوف من ملاقاتهم بمصالحهم، ومواجهتهم بمآربهم وحاجاتهم. قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: “مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ – عَزَّ وَجَلَّ – شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ، وَخَلَّتِهِمْ، وَفَقْرِهِمُ، احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ، وَخَلَّتِهِ، وَفَقْرِهِ” صحيح سنن أبي داود
الأمين يعلم أن في الاحتجاب إذلالا للناس الذين قصدوا نفعه، واستضعافا لأصحاب الحاجات الذي أَمَّلوا معونته، وإضاعة لحقوق من توسموا خدمته وإنصافه. خطب عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ذات يوم في العمال فقال: “*إني استعملكم على أمة محمد لتقيموا بهم الصلاة، وتقضوا بينهم بالحق، وتَقسموا بينهم بالعدل، ولا تجلدوا المسلمين فتذلوهم، ولا تضيعوا حقوقهم فتفتنوهم*”.
الأمين عفيف عن أخذ الرشاوى والهدايا، ينظر إلى ما في يده، ولا يتطاول إلى ما في أيدي الناس، ويقنع بحلال رزقه، ولا يلتفت إلى مال غيره. ومن فعل، فقد صدق عليه قول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: “*ليأتيَنَّ على الناس زمان، لا يُبالي المرء بما أخذ المال، أمِنْ حلال أم من حرام” البخاري. ذلك أن “هدايا العمال غلول*” – كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم – صحيح الجامع. وقال – صلى الله عليه وسلم -:”مَن استعملناه على عمل، فرزقناه رزقاً، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول” صحيح سنن أبي داود.
وورد في الصحيح “أنَّ أوَّل ما ينتن من الإنسان بطنه، فمَن استطاع أن لا يأكل إلاَّ طيباً فليفعل” البخاري.
فاحذر يا رعاك الله، أن يأتي المظلوم يوم القيامة آخذا بتلابيبك، مطالبا إياك بحقوقه التي ضيعتها، وبحاجاته التي نسيتها، يوم لا يكون المقابل درهما ولا دينارا، ولا ملكا ولا عقارا، إنما هي الحسنات والسيئات. و اللبيب من عرف قدره، وأدى الذي عليه.
فما أهلك المجتمعات الإسلامية مثل ضياع الأمانات، وما قوى من أطماع غيرنا فيها مثل تسابقنا إلى الدنيا، واقتناص مناصبها، والفرح بملذاتها، حين صار هَم كثير منا احتواشَ الدرهم والدينار، بحق أو بغير حق، بكفاءة أو بغير كفاءة، باقتدار أو باحتيال، مما لا يبقى معه إلا انتظار الساعة.
# ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: بينما النبي – صلى الله عليه وسلم – في مجلس يحدث القوم، جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟. فمضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يحدث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذ قضى حديثه قال: “أين – أراه – السائل عن الساعة؟”. قال: ها أنا يا رسول الله. قال: “*فإذا ضُعيت الأمانة فانتظر الساعة”. قال كيف إضاعتها؟. قال: “إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة*”.
ذكر ابن كثير في “البداية والنهاية” أن رجلا جاء إلى أبي شجاع وزير الخليفة المقتدي العباسي، وقال له: إلى جانبنا أرملة لها أربعة أولاد، وهم عُراة جياع.
فما كان منه إلا أن بَعث إليهم مع رجل من خاصته نفقةً، وكِسوة، وطعامًا، ونزع ثيابه في البرد الشديد وقال: “*والله لا ألبَسها حتى ترجع إليَّ بخبرهم*”. فذهب الرجل مُسرعًا، فأدى إلى الأرملة وأولادِها ما حمله إليهم، فلما رجع، أخبره أنهم فرِحوا بذلك، ودعَوا للوزير، فسُرَّ بذلك ولبِس ثيابه.
واكبر امانة هي الشعوب فينبغي علي الحكام ان تراعي الشعوب وان تضع الراجل المناسب في المكان المناسب ونتجنب المحسوبيات التي ضيعت الامانة نحن نريد ان نكون امة قويه اخرجت للناس جميعا تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر
فمتى سيختفي من مجتمعاتنا الجياع والمحرومون؟ متى تغتني الأرملة، ويكتفي اليتيم؟ متى تنطفئ جذوة الصراخ والشكاة من شبه غياب أيسر وسائل العيش الكريم، من تعليم جيد، وصحة ميسورة، وإدارة هينة؟
وفي الحديث(*يُبايَعُ لِرجُلٍ بيْنَ الرُّكنِ والمَقامِ ولنْ يستحِلَّ هذا البيتَ إلَّا أهلُه فإذا استحَلُّوه فلا تَسَلْ عن هلَكةِ العرَبِ ثمَّ تظهَرُ الحبَشةُ فيُخرِبونَه خَرابًا لا يعمُرُ بعدَه أبدًا وهم الَّذينَ يستخرِجونَ كَنْزَه*)
الراوي : أبو قتادة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 6827 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
وفي روايه لاابو هريرة(*يُبايعُ لرجلٍ بين الركنِ والمقامِ ، ولن يستحِلَّ هذا البيتَ إلا أهلُهُ ، فإذا استحلُّوهُ ، فلا تسألْ عن هلكةِ العربِ ، ثم تظهرُ الحَبَشَةُ ، فيخرِّبونَهُ خرابًا لا يَعْمُرُ بعدَهُ أبدًا ، وهم الذين يستخرجونَ كنزَهُ*)
اللهم احفظ امة العرب من الهلاك