د. رؤوف رشدى: مونيكا من طفلة تملأ يدى إلى إعلامية تملأ الأبصار

فى ليلةٍ تسللت فيها نسائم النجاح إلى أروقة العمر، أشرق فى قلبى نورٌ حين علمت أن تلك الصغيرة التى أمسكتُ بيدها حين خرجت إلى الدنيا، أمسكت اليوم بزمام قلمها لتسطّر إنجازًا يحمل طموحها إلى السماء.
الطالبة التى رأت النور لأول مرة بين يدى، وكنت شاهدًا على ميلادها الجسدى، ها هى اليوم تبهرنى بميلاد آخر، ميلادها الفكرى والإعلامى وهى تقتنص هذا اللقاء المميز مع قداسة البابا تواضروس الثانى، مستفيدة من قناعتها وإيمانها الراسخ بأن الحياة، مهما قست، يمكن أن تصبح منصةً لتحقيق الأحلام.
عرفت مونيكا منذ الصغر، طفلةً تحمل فى ملامحها صمودًا لا يليق إلا بالأبطال، لم تكن مجرد تلميذة عادية، بل كانت كفراشةٍ تخفق بأجنحتها رغم ثقل الريح.
وكم كان الطريق وعِرًا .. خاضت معركةً مع السرطان، تلك الكلمة التى تهز قلوبنا جميعًا، لكنها واجهته بصلابةٍ لم أرَ لها مثيلًا، جراحات متكررة، آلامٌ تنهش الجسد، وخوفٌ يطرق الأبواب، لكنها ظلت واقفةً، كان إيمانها أقوى من المرض، وعزيمتها أشد من الألم.
وها هى اليوم فى عامها الثالث بكلية الإعلام، تحمل ميكروفونها وكاميرتها وتسير نحو حلمها دون أن يثنيها شىء.
اللقاء الذى أجرته مع قداسة البابا تواضروس ليس مجرد سبق صحفى، بل شهادة على أن الروح البشرية قادرة على التغلب على أى قيود.
محاورها لم تكن عادية، أسئلة تنبض بالفكر والوعى، تمس قضايا الهوية والحوار والروحانية، أسئلة لم تصدر عن طالبة مبتدئة، بل عن إعلامية قادمة تحمل بصيرةً تتجاوز سنوات عمرها.
أشعر بفخرٍ لا تسعه الكلمات، كيف لا، وأنا الذى حملتها بين يديى يوم مولدها؟ حينها كنت شاهدًا على بداية قصة، لم أكن أدرك أن فصولها ستكتب بهذا الجمال.
فرحتى اليوم مضاعفة، ليست فقط بإنجازها الصحفى، بل بما ترمز له من انتصار على المرض والتحديات، هى نموذجٌ حى على أن الألم قد يكون أحيانًا البوابة التى نعبر منها إلى أفقٍ جديد.
أيتها الصغيرة الكبيرة، يا من علمتِنا أن الحياة، مهما قست، تستحق أن تعاش بإصرار وحب، أرى فيكِ انعكاسًا لمعنى الحياة، وأحلم لكِ بمستقبلٍ يعانق السماء، ومهما قيل عنكِ اليوم، سيبقى القادم أجمل، لأنكِ اخترتِ أن تصنعى من كل معركةٍ درسًا، ومن كل جرحٍ شهادة.
مونيكا .. أكملى طريقكِ، وارفعى رأسكِ عاليًا، فقد صنع منكِ الألم أسطورةً، وها أنتِ اليوم تكتبينها بمداد قلمك، فتملأين قلوبنا بفخرٍ لا ينضب.
دكتور رؤوف رشدى