تفاصيل الشراكة الاستراتيجية والشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبى
اتفقت مصر والاتحاد الأوروبى، على الارتقاء بالعلاقات الثنائية بينهما إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والشاملة، القائمة على قيم العدالة والاحترام والثقة المتبادلة.
وأكد الطرفان، إدراًكًا منهما للعلاقة التاريخية التى تربطهما منذ آلاف السنين، على التزامهما بالاستناد إلى علاقتهما الممتدة والتى شكلتها الروابط الجغرافية والثقافية والسياسية والاقتصادية والشعبية الوثيقة، بهدف تعميق الاستقرار والسلام والرخاء المشترك بينهما.
أقر الاتحاد الأوروبى، بمكانة مصر بوصفها شريك يعتمد عليه، فضلًا عن الدور الجغرافى والاستراتيجى المتفرد والحيوى، الذى تضطلع به مصر بوصفه ركيزة أساسية للأمن والاعتدال والسلام فى منطقة البحر المتوسط والشرق الأدنى وأفريقيا.
وذكر الطرفان، التزامهما بالمبادئ المنصوص عليها فى ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الأخرى متعددة الأطراف ذات الصلة، بالإضافة إلى اتفاقية الشراكة بينهما وأولويات الشراكة التى أقرت للفترة من عام 2021 وحتى عام 2027 والتى تربط بينهما.
وبناء على ما تقدم، قرر الجانبين صياغة وثيقة شاملة بشأن الشراكة الشاملة والاستراتيجية والتوقيع عليها خلال الربع الأول من عام 2024.
وتحدد وثيقة الشراكة الاستراتيجية بوضوح مجالات محددة للتعاون، وهى: العلاقات السياسية، استقرار الاقتصاد الكلى، الاستثمار المستدام والتجارة، بما فى ذلك الطاقة والمياه والأمن الغذائى وتغير المناخ، والهجرة، والأمن وتنمية رأس المال البشرى.
وعليه، يتعين أن يؤدى وضع هذه المجالات قيد التنفيذ إلى إطلاق العنان للعلاقة بين الجانبين للعمل بكامل طاقاتهما.
العلاقات السياسية
سوف تواصل مصر والاتحاد الأوروبى، العمل على صياغة برنامج عمل إيجابى وتنفيذه لتحقيق الرخاء والاستقرار المشترك.
ويواصلان، العمل على التزاماتهما لمواصلة تعزيز الديمقراطية والحريات الأساسية وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص، على النحو المتفق عليه فى أولويات الشراكة.
كما أبدى الاتحاد الأوروبى، استعداده لمساعدة مصر فى تنفيذ استراتيجيتها الوطنية لحقوق الإنسان بما يتفق مع أحكام اتفاقية المشاركة بين الجانبين وأولويات الشراكة خلال الفترة الممتدة من عام 2021 وحتى عام 2027.
سلطت التحديات الإقليمية والدولية الضوء على أهمية تعزيز الحوار السياسى بين الجانبين من خلال عقد قمة كل عامين تجمع رؤساء كل من مصر والمفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبى، على أن تعقد القمة بالتناوب بين القاهرة وبروكسل، بالإضافة إلى اجتماع مجلس المشاركة السنوى بين مصر والاتحاد الأوروبى، والذى يشكل حجر الزاوية للمشاركة الثنائية بين الجانبين، وذلك فى إطار اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى، فضلاً عن أنشطة التعاون القائمة التى تضم مصر والدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى.
الاستقرار الاقتصادى
أعلن الاتحاد الأوروبى، استعداده لدعم أجندة التنمية المصرية لعام 2030 لضمان استقرار الاقتصاد المصرى الكلى على المدى الطويل والنمو الاقتصادى المستدام، وذلك وفق اً للأولويات التى حددها الجانبين، وأهداف الإصلاح الواردة فى أجندة التنمية المصرية.
ويدعم التمويل، ويواكب التقدم المحرز فيما يتعلق بتلك الأولويات والأهداف المحددة بشكل مشترك، وهو الأمر الذى من شأنه أن يطلق العنان لاستثمارات القطاع الخاص بكل طاقته وهذا بدوره يساعد على تخفيف التأثير الناجم عن الأزمات الدولية والإقليمية الحالية، بما يصب فى صالح الاستقرار والأمن المشترك لكلا الجانبين.
كما أكد الاتحاد الأوروبى، استعداده لدعم الاقتصاد المصرى على ضوء ما تواجهه مصر من ضغوط متزايدة على ميزان المدفوعات والنابعة من البيئة الاقتصادية العالمية، بما فى ذلك الزيادة الحادة فى تكاليف الاقتراض.
ويفيد هذا الدعم مصر، إذ سيكون مكملاً لتمويل صندوق النقد الدولى، ويدعم مصر فى تنفيذ سياسات اقتصادية تهدف لتأكيد المصداقية، وتعزيز الثقة، وفتح الباب أمام تدفقات رؤوس الأموال الخاصة.
ولتحقيق هذه الغاية، يدعم الاتحاد الأوروبى الحوار الثنائى رفيع المستوى بين مصر وصندوق النقد الدولى للتمكين من التنفيذ المستمر للإصلاحات الشاملة والهيكلية فى مصر.
كما أعلن الاتحاد الأوروبى، استعداده لتوفير الدعم لمصر لتلبية احتياجات استقرار الاقتصاد على المدى القصير، واحتياجات التنمية الاقتصادية على المدى المتوسط.
على المدى القصير، الاتحاد الأوروبى على استعداد لتقديم هذا الدعم فى صورة دعم للموازنة، والتمويل الميسر والمنح، وبما يدعم تيسير الوصول إلى التمويل اللازم للتنمية.
كما يمكن أن تكون بعض الآليات الأخرى، مثل مبادلة الديون، والتى تقررها دول الاتحاد الأوروبى الأعضاء، سبلاً لتعزيز الفضاء المالى اللازم للاستثمار.
الاستثمارات
وفى مجال الاستثمارات، أكد الاتحاد الأوروبى التزامه القوى بتعزيز مجالات التعاون مع مصر فى قطاعات متعددة للاقتصاد الحديث، بما فى ذلك الطاقة المتجددة والهيدروجين المتجدد، والتصنيع المتقدم، والزراعة، والأمن الغذائى، والربط والتحول الرقمى، والأمن المائى، وإدارة المياه، حيث تجذب هذه القطاعات ما يصل إلى 5 مليارات يورو من الاستثمارات الأوروبية المدعومة بضمانات الصندوق الأوروبى للتنمية المستدامة وخطة الاستثمار الاقتصادى.
كما يدعم الاتحاد الأوروبى، جهود مصر المستمرة لتعزيز بيئة الأعمال والاستثمار بها لتسهيل تدفقات التجارة والاستثمار وبما يتماشى مع التزاماتها الدولية، وخاصة التزاماتها نحو الاتحاد الأوروبى.
وأعلن الاتحاد الأوروبى، استعداده لدعم مؤتمر الاستثمار الدولى المقرر عقده عام 2024، حيث يؤدى تعزيز التبادل التجارى بين مصر والاتحاد الأوروبى إلى تعزيز بيئة الأعمال بصورة شاملة ودعم الاستثمارات العامة والخاصة.
كما سيمكن الدعم الأوروبى، مجتمع الأعمال الأوروبى من الاستفادة من الإمكانات الاستثمارية المتاحة فى مصر، بما فى ذلك الامتيازات التى توفرها قناة السويس باعتبارها أهم ممر تجارى وبحرى يربط بين الشرق والغرب، بالإضافة إلى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس التى من شأنها تعزيز دور مصر فى سلاسل إمداد الاتحاد الأوروبى، ولديها من الإمكانيات لجذب صناعات للاتحاد الأوروبى إلى مصر.
تدرك مصر والاتحاد الأوروبى، أن الواقع الجغرافى والسياسى الجديد وسوق الطاقة يتطلبان تعميق شراكتهما القائمة لدعم أمن الطاقة لكلا الجانبين.
ولهذا الغرض، اتفق الجانبين على تكثيف التعاون مع التركيز بشكل خاص على مصادر الطاقة المتجددة، وأنشطة كفاءة الطاقة، فضلاً عن التعاون فى مجالات التقنيات الأخرى الآمنة والمستدامة منخفضة الكربون، والاستفادة من الإمكانيات المصرية الكبيرة للتوسع الفعال من حيث التكلفة فى توليد الطاقة المتجددة، وذلك من خلال مشروعات مثل مشروع الربط الكهربائى بين مصر واليونان.
كما يلتزم الاتحاد الأوروبى أيضًا، بدعم عمل منتدى غاز شرق المتوسط بهدف تعزيز التعاون فى مجال الطاقة وأمن إمدادات الغاز فى المنطقة وتجارة الغاز مع الاتحاد الأوروبى.
التجارة
الشراكة الاستراتيجية على استعداد لتعزيز التعاون القائم بين الاتحاد الأوروبى ومصر من أجل تنفيذ منطقة التجارة الحرة التابعة لاتفاقية الشراكة بالكامل وإطلاق العنان لكافة إمكانياتها.
وفى إطار هذه الشراكة سوف يكتشف الجانبين السبل المختلفة لتحديث ومراجعة اتفاقية الشراكة فيما يتعلق بمسألة العلاقات التجارية والاستثمارية بما يجعلها متوائمة مع التحديات المعاصرة.
قضايا المياه
واستناد اً للرؤية المشتركة لإدارة أكثر استدامة للموارد المائية ومعالجة التحديات التى تفرضها إدارة المياه فى سياق تزايد عدد السكان وتنافسية الطلب على المياه وتغير المناخ، اتفقت مصر والاتحاد الأوروبى على مجالات التعاون فى مجال المياه على المستوى الثنائى والإقليمى والدولى، وبما يتماشى مع الإعلان المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبى لتعزيز التعاون فى إدارة مستدامة للمياه، والذى تم توقيعه على هامش مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ فى دبى.
واعترافاً باعتماد مصر الكبير على مياه نهر النيل فى سياق ما تعانيه من ندرة مائية، كرر الاتحاد الأوروبى دعمه للأمن المائى فى مصر والامتثال للقانون الدولى، مع التذكير بأن مبدأ “عدم الإضرار” يعد مبدأ توجيهياً فى الصفقة الأوروبية الخضراء.
الهجرة والتنقل
واستناداً لمبادئ الشراكة والمسئولية المشتركة وتقاسم الأعباء، تتبنى مصر والاتحاد الأوروبى نهجًا شموليا لحوكمة الهجرة.
وفى هذا الإطار، يقدم الاتحاد الأوروبى الدعم المالى اللازم لمساعدة مصر فى البرامج المتعلقة بالهجرة والتى تستلزم تطوير نهج شامل للتعامل مع الهجرة، بما فى ذلك مسارات الهجرة القانونية، وبما يتماشى مع الاختصاصات الوطنية وبرامج التنقل مثل مبادرة شراكة المهارات، ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة غير الشرعية، ومكافحة تهريب المهاجرين والاتجار فى البشر، وتعزيز إدارة الحدود، وضمان العودة الكريمة والمستدامة وإعادة الإدماج.
ويواصل الجانبين، التعاون من أجل دعم جهود مصر فى استضافة اللاجئين، ويلتزم الجانبان بحماية حقوق المهاجرين واللاجئين.
الأمن
أعاد الطرفان، تأكيد مساعيهما لمكافحة كافة التحديات الأمنية، تحديداً، فى إطار المنتدى العالمى لمكافحة الإرهاب، حيث تشارك مصر والاتحاد الأوروبى فى رئاسة المنتدى منذ مايو 2023.
واتفق الجانبان، على ضرورة تعميق التعاون من خلال الحوار بشأن مكافحة الإرهاب، وتعزيز هذا الحوار فى مجال منع التهديدات والتحديات الأمنية ومكافحتها، بما فى ذلك تهديدات الأمن السيبرانى.
ويواصل الجانبان، استكشاف التعاون فى مجال إنفاذ القانون ومكافحة الجرائم الخطيرة والمنظمة، والتدريب وبناء القدرات.
ويعمل الطرفان، على استكشاف التعاون العملياتى فى المجالات المتعلقة بمنع تهريب السلع الثقافية واستعادة الممتلكات الثقافية التى تم الاتجار بها بشكل غير مشروع، وبما يتماشى مع القانون الدولى.
الديموغرافيا ورأس المال البشرى
وفى ضوء إدراك مصر لأهمية العنصر البشرى فى تحقيق التنمية، أكد الاتحاد الأوروبى مجدداً دعمه لمصر فى مجالات التعليم الفنى والمهنى والتدريب.
ويساعد هذا الدعم، بالعمل من خلال الأولويات والأهداف التى حددها الجانبين، فى التوفيق بين المهارات واحتياجات سوق العمل، بما فى ذلك من خلال تنقل العمالة وبرامج العمالة الموسمية، والدعم المستمر لإعادة الإدماج الاجتماعى والاقتصادى للمصريين العائدين إلى مصر.
بالإضافة إلى ذلك، يعزز الاتحاد الأوروبى التعاون مع مصر فى مجال البحث والابتكار، ويعمل على تعزيز المشاركة فى برامجه ذات الصلة مثل برنامج الشراكة من أجل البحث و الابتكار فى منطقة المتوسط، وبرنامج تبادل الطلاب، كما يسمح هذا التعاون لمصر بالتفاوض بشأن الانضمام إلى برامج الاتحاد الأوروبى مثل برنامج “أوروبا المبدعة”، وبرنامج “آفاق أوروبا” وبرنامج “أوروبا الرقمية”.
وبناءً على ذلك، أكد الاتحاد الأوروبى استعداده للنظر فى مبادرة لإطلاق جامعة أوروبية-مصرية لتشجيع الجامعات الأوروبية للدخول فى مشاركة أكبر مع مصر.
ويوفر الاتحاد الأوروبى، المساعدة الفنية اللازمة لتعظيم الاستفادة من تنفيذ الشراكة الاستراتيجية والشاملة.