سفارة أوكرانيا بالقاهرة: الشعب الأوكرانى يدافع عن القيم والمبادئ الأساسية للتعايش فى العالم المتحضر بأسره

أصدرت سفارة أوكرانيا بالقاهرة، اليوم الإثنين، بيان صحفى بمناسبة مرور 1000 يوم على بداية الحرب الروسية على أوكرانيا.
وقالت السفارة: يصادف يوم 19 نوفمبر 2024 مرور 1000 يوم على بداية الحرب الروسية واسعة النطاق ضد أوكرانيا، وهى 1000 يوم من المقاومة البطولية التى أصبحت رمزا للشجاعة والوحدة والصمود فى وجه العدوان الوحشى وغير المبرر.
حيث يظهر الشعب الأوكرانى قدرة غير عادية على الصمود والثبات والتضحية بالنفس فى النضال من أجل حريته واستقلاله والحفاظ على هويته الوطنية وأرضه الأصلية ومستقبله، بينما يدافع فى الوقت نفسه عن القيم والمبادئ الأساسية للتعايش فى العالم المتحضر بأسره.
وأضافت السفارة، منذ بداية الغزو فى 24 فبراير 2022 دحرت القوات المسلحة الأوكرانية، القوات الروسية فى ضواحى كييف وطردتها من المناطق الشمالية لأوكرانيا، وحررت مدينة خيرسون فى جنوب بلادنا ومناطق شاسعة فى محافظة خاركيف.
وتم تدمير ثلث أسطول البحر الأسود الروسى وتقويض الإمكانات الصناعية العسكرية لروسيا بشكل ملموس، وعلى الرغم من التفوق العددى للجانب الروسى إلا أن القوات الأوكرانية ألحقت خسائر فادحة بالقوات الروسية – حيث قتل أو أصيب بجروح أكثر من 720 ألف جندى روسى، وتم تدمير ما يصل إلى 100 ألف وحدة من المعدات الثقيلة – الدبابات والمركبات المدرعة وأنظمة المدفعية والطائرات وقاذفات الصواريخ المتعددة والمركبات المختلفة.
ومن أجل منع وقوع هجمات جديدة على الأراضى الأوكرانية، نفذت أوكرانيا بنجاح عملية هجومية فى محافظة كورسك الروسية، مما أدى إلى تعطيل لوجستيات الدولة المعتدية والحيلولة دون نقل التعزيزات إلى القوات الروسية المتواجدة فى شرق أوكرانيا.
ويتجلى ضعف القوة العسكرية الروسية أيضاً فى الاستغاثة بكوريا الشمالية وتوريطها فى الحرب، التى أرسلت أكثر من 11 ألف جندى.
وتابعت السفارة: أصبح استخدام روسيا للمسيرات إيرانية الصنع ممارسة تقليدية، كما أن تجنيد مواطنى الدول الأفريقية والعربية عن طريق الخداع أو الإكراه للمشاركة فى الأعمال العدائية ضد أوكرانيا الذى تقوم به موسكو أصبح منتشرا على نطاق واسع، وهو استمرار منطقى للأعمال غير القانونية التى تمارسها مجموعة فاغنر العسكرية المدعومة من موسكو أو القصف الجوى الروسى على مدينة حلب فى سوريا.
يقوم النظام السياسى الروسى عمدا – بفضل ضخ مليارات الدولارات فى وسائل الإعلام الدعائية – بتدنيس ذكرى عشرة ملايين من الأوكرانيين الذين لقوا حتفهم خلال الحرب العالمية الثانية فى الحرب ضد النازية، مدعيا أحفادهم من بين أتباع تلك الأيديولوجية المتطرفة المخزية.
وأضافت السفارة، لم يمنع الجرح الغائر المشترك الناجم عن كارثة محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية الدبابات الروسية من دخول أراضى أوكرانيا من بيلاروسيا المجاورة عبر منطقة الاستبعاد المحمية فى تشيرنوبيل، والتى سرعان ما أطلقت النار على آلاف السكان المدنيين فى بلدات بوتشا وبوروديانكا وإيربين وتبقى تأكيدات روسيا باحترام استقلال أوكرانيا وسيادتها وحدودها، فضلاً عن رفض الضغوط الاقتصادية والتهديدات باستخدام القوة، مقابل تخلى أوكرانيا عن ثالث أكبر ترسانة نووية فى العالم وتوقيعها على مذكرة بودابست عام 1994، مجرد حبر على ورق، بينما شهد العالم أجمع ابتزازا نوويا غير مسبوق من قبل روسيا فى التاريخ الحديث، انعكس على وجه الخصوص فى الاستيلاء على محطة زابوريجيا للطاقة النووية.
وقالت: إن إنكار وجود الشعب الأوكرانى وتاريخه وثقافته وحقه فى تقرير مصيره يبدو غير مقنع للغاية على خلفية المعابد والكنائس التى يبلغ عمرها ألف عام وغيرها من المعالم الثقافية العريقة فى العاصمة والعديد من مناطق أوكرانيا.
وتنصب القوات الروسية نفسها كحامية للسكان الناطقين باللغة الروسية فى أوكرانيا، حيث تقوم بمحو مدن وبلدات بأكملها فى المناطق الشرقية لأوكرانيا من سطح الأرض، بما فى ذلك ماريوبول وباخموت وماريانكا وسوليدار، وهى تقتل سكانها وتشتت شملهم.
ومع ترويج السرديات حول المخاوف الأمنية الروسية بشأن توسع حلف الناتو، يتغاضى الكثيرون عن عدم وجود وقائع تاريخية تدل على أى نزاعات أو مواجهات مباشرة بين روسيا وحلف الناتو، فى حين أن الكرملين ينتهج باستمرار استراتيجية خلق حزام من عدم الاستقرار فى مولدوفا وجورجيا وأوكرانيا المجاورة ودول أخرى فى المنطقة.
ومع ذلك، فإن نضال أوكرانيا من أجل استقلالها يأتى بثمن باهظ – عشرات الآلاف من الأرواح البشرية، ومدن مدمرة، وملايين نازحين ولاجئين، وخسائر اقتصادية تتطلب استعادتها 486 مليار دولار.
وأصبحت الهجمات بالمسيرات والصواريخ الباليستية على المناطق المكتظة بالسكان والبنية التحتية للنقل والطاقة خاصة عشية حلول الموسم الشتائى والأحياء السكنية والموانئ ومرافق تخزين الحبوب ظاهرة يومية.
وتابعت السفارة: إن تلك التضحيات تذكر العالم بأن الحرية ليست مجانية أبدا، حتى فى القرن الحادى والعشرين، والعواقب الإنسانية للعدوان الروسى مروعة من حيث نطاقها.
حيث تم ترحيل عشرات الآلاف من الأطفال الأوكرانيين بشكل غير قانونى إلى روسيا، ولم يعد سوى عدد قليل منهم إلى ديارهم.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق بوتين بتهمة ارتكاب جرائم الحرب وتواصل روسيا ممارسات القمع فى الأراضى الأوكرانية المحتلة مؤقتا، وتغيير تركيبتها الديموغرافية ونشر جوازات روسية بين سكانها وإجبارهم على الالتحاق بالخدمة العسكرية وفرض خطاب عدوانى من خلال النظام التعليمى.
بالإضافة إلى ذلك، تنتهك روسيا بشكل منهجى أحكام القانون الدولى، بما فى ذلك اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، باستخدام المواد الكيميائية أثناء الأعمال العدائية.
وأضافت السفارة، منذ فبراير 2023 تم تسجيل أكثر من 4600 حالة استخدام ذخائر كيميائية، بما فى ذلك قنابل الغاز والعبوات الناسفة التى تحتوى على مواد مهيجة، وعلى هذه الخلفية فإن ترشيح روسيا للعضوية فى المجلس التنفيذى لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية يبدو مثيرا للسخرية.
وشكل العدوان الروسى على أوكرانيا تهديدا مباشرا للأمن الغذائى العالمى، حيث أدى انسحاب روسيا من جانب واحد من مبادرة نقل الحبوب عبر البحر الأسود فى صيف عام 2023، وفرض الحصار على الموانئ الأوكرانية وشن الهجمات على مرافق الإنتاج والخدمات اللوجستية للقطاع الزراعى الأوكرانى إلى تفاقم نقص الغذاء فى العديد من البلدان فى أفريقيا والشرق الأوسط، مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتكاليف التأمين، وعلى الرغم من ذلك، إلا أن أوكرانيا تظل دولة ضامنة للأمن الغذائى العالمى.
وفى إطار البرنامج الإنسانى الدولى تحت عنوان “الحبوب من أوكرانيا” الذى أطلقه الرئيس الأوكرانى زيلينسكى بدعم من الشركاء والجهات المانحة تم تسليم حوالى 230 ألف طن من المنتجات الزراعية إلى بلدان مثل اليمن والصومال وجيبوتى وموريتانيا والسودان وفلسطين.
وقالت السفارة: إن الثمن الحقيقى للخبز يبقى فى أعماق ذاكرة الشعب الأوكرانى الذى عانى من سياسة الإبادة الجماعية للنظام السوفييتى فى عهد ستالين خلال المجاعة الجماعية الكبرى (هولودومور) فى الفترة 1932-1933.
وإن أوكرانيا، باعتبارها ضحية للعدوان غير المبرر مهتمة أكثر من غيرها باستعادة السلام العادل والشامل والمستدام فى أوكرانيا، وتقدم للعالم رؤية واضحة لإنهاء الحرب على أساس القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة وتتناول صيغة السلام التى اقترحها زيلينسكى قضايا مهمة مثل استعادة سلامة أراضى أوكرانيا وانسحاب القوات الروسية، والأمن النووى والإشعاعى والغذائى والبيئى، وإعادة أسرى الحرب والأطفال المرحلين قسراً.
وفى يونيو 2024، عقدت قمة السلام العالمية الأولى لدعمها بمشاركة أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية.
وفى الوقت نفسه، تعمل أوكرانيا على مواصلة تعزيز قدراتها الدفاعية من خلال تنفيذ خطة النصر، التى تهدف إلى تهيئة الظروف لإنهاء الحرب وإرغام روسيا على السلام.
وأضافت السفارة، بعد مرور 1000 يوم من الحرب، أصبحت أوكرانيا راسخة أكثر فى تقرير مستقبلها حتماً وحصلت على وضعية دولة مرشحة للعضوية فى الاتحاد الأوروبى وبدأت المفاوضات رسميا بشأن انضمامها، ويحظى الحفاظ على هذا المسار فضلاً عن حصول بلادنا على العضوية الكاملة فى حلف شمال الأطلسى بدعم وتأييد الغالبية العظمى من مواطنى أوكرانيا، حيث يرون فى ذلك مفتاحا للنمو الاقتصادى والرفاهية الاجتماعية والضمانات الأمنية الحقيقية.
واختتمت السفارة بيانها قائلة: أوكرانيا ممتنة للغاية لجميع شركائها – حكومات وشعوبا – على دعمهم العسكرى والمالى والإنسانى والدبلوماسى، ونحن مقتنعون بأن تلك الخطوات النبيلة ستسهم إسهاما هاما فى صون السلم والأمن العالميين، مما سيعود بالنفع على المجتمع الدولى برمته.