عاجل

نميرة نجم: وصف الهجرة بأنها غير شرعية يتعارض مع مواثيق حقوق الإنسان

 

قالت السفيرة د. نميرة نجم مدير المرصد الأفريقى للهجرة AMO، عندما نتحدث عن النزوح القسرى لا يمكن إغفال الحديث عن ما يدور حاليًا فى غزة لأنها على حدود ملاصقة لدولة أفريقية هى مصر، بالتالى أفريقيا تتأثر بما يجرى على حدودها.


وأضافت، لدينا 1.9 مليون نازح فلسطينى داخليا بغزة لم ينتقلوا برغبتهم خارج أماكن معيشتهم، ولكن لأن هناك نزاع يفرض عليهم القتال والانتقال.


جاء ذلك خلال كلمة السفيرة فى ندوة نظمها مركز البحوث والدراسات السياسية وحوار الثقافات بكلية السياسة والإقتصاد بجامعة القاهرة حول موضوع: “النزوح القسرى وتحديات التنمية فى القارة الأفريقية”.


وشرحت السفيرة فى كلمتها، أن النزوح القسرى يعنى أن هناك أسباب قهرية هى التى أدت إلى نزوح الأشخاص، وأن هناك نزوح داخلى ودولى قهرى بجانب النزوح الطوعى، ونحن فى القانون الدولى نستخدم لفظ الهجرة الغير نظامية وليس الهجرة الغير شرعية الشائع إستخدامه من البعض وهو مصطلح غير دقيق، لأن القانون الدولى كفل حق التحرك والهجرة للجميع، وحتى تتضح المفاهيم ونحن فى محفل علمى لا يوجد ما يسمى هجرة غير شرعية وألا نكون بذلك نقوم بإلغاء واغتيال المواثيق الأساسية لحقوق الإنسان والميثاق الخاص بالحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية التى تكفل كلها بوضوح حق الإنسان فى التحرك والهجرة ولذلك يجب أن نكون على علم ومدركين لذلك.


وأوضحت السفيرة، أن 80% من النازحين فى العالم داخليا، وليس عبر الحدود فى العالم، والحروب والنزاعات هى أول أسباب النزوح القسرى.


وأشارت، إلى بعض مناطق النزوح القسرى فى القارة الأفريفية فى السودان والكونغو الديمقراطية وأفريقيا الوسطى وبوركينا فاسو، وأن منطقة الساحل الأفريقى بالكامل بها تحرك داخلى وتحرك بين الدول المجاورة، وفى جنوب القارة أيضًا هناك نزوح قسرى فى المناطق التى يوجد بها نزاعات أو عدم استقرار، والسبب ليس فقط فقر فى الموارد ولكن بسبب التغيرات المناخية.


وأكدت السفيرة، أن أغلب المدن الكبرى فى أفريقيا محاطة بدائرة من السكان النازحين داخليا يعيشون فى مناطق غير مؤهلة، وليس لديها خدمات ويعيشون فى أحوال صحية مأساوية لأنهم ينزحون من القرى إلى المدن بحثا وراء العيش والتوظيف، وبسبب التغيرات المناخية تزداد هذه الأعداد جراء الفيضانات والجفاف الغير مسبوق.


حيث أصبحت أراضى هؤلاء النازحين غير قابلة للزراعة، وهم لا يستطيعوا عمل موائمة لهذه الأراضى حتى يتمكنوا من إعادة زرعتها، كما أن ارتفاع منسوب البحر يؤثر على حرف المصايد ويؤدى إلى تآكل فى الشواطئ والأرض، وهو ما يعنى أنه يأكل من حياة البشر على الأرض الذين ينتقلون من الشواطئ إلى داخل المدن الغير مؤهلة للحياة فيها، علاوة على أن الاختلاف العرقى للنازحين يسبب أزمات أمنية للمدن التى ينتقلوا لها، ويدخل الإرهاب بين أسباب النزوح الداخلى فى مالى ونيجيريا وبوركينا فاسو وموزمبيق، وهو ما يشكل تهديد لأمن القارة، وتهديد أيضًا للأمن الغذائى للقارة من نزوح أهل الريف للحضر.


ونوهت السفيرة، عن دور المرصد الأفريقى للهجرة فى رصد هذه الظواهر، وإشتراكه مع معهد الإحصاء الأفريقى فى الإحصاءات الخاصة بالهجرة بالقارة، وتحليل هذه الأرقام والاستفادة منها فى وضع وصنع واقتراح سياسات أمام متخذ القرار فى دول الاتحاد الأفريقى لنرى ما يفيد القارة والسيطرة على الأزمات فيها.


وردا على أسئلة الأساتذة والطلاب الحاضرين للحلقة النقاشية عن الرعب فى الغرب من الهجرة من الجنوب، قالت السفيرة: إن جزء أساسى من إنشاء المرصد الأفريقى للهجرة هو الأرقام، التى يتم التلاعب فيها.


وأضافت، كل الأرقام والإحصائيات الخاصة بالهجرة حتى الآن تأتى من خارج القارة، و80% من المتحركين داخل القارة يتحركون داخل أفريقيا و 60% منهم يتحركون وينزحوا داخل بلادهم، ومن يتحرك إلى خارج القارة لا يشكل سوى 20% من الهجرة الغير نظامية حول العالم، وهم من يتم التركيز عليهم من الغرب مع التركيز أكثر على الهجرة من أفريقيا دون آسيا، مع العلم أن المهاجرين الغير نظاميين من آسيا أكبر من أفريقيا، والسبب أن أفريقيا بها سكان من الأصغر سنا فى العالم وستظل كذلك لمدة طويلة، والبلاد التى ليس بها مواليد جديدة كافية أصبحت بلاد “عجوزة” ولديهم رعب من التغيير الديموجرافى، وهو قادم لا محالة ولن يستطيعوا أن يعيشوا بمثل الحالة لأنهم لن يجدوا عمال وقوة عمل شابة فى بلادهم، وهناك دول تتاجر بموضوع الهجرة فى دول الاتحاد الأوروبى للحصول على أموال.


وتعد إيطاليا من أكبر الدول المستقبلة للهجرة الغير نظامية وكثير من المهاجرين الغير نظاميين يعمل كعمالة رخيصة فى الإنشاءات داخل إيطاليا، وعندما نتحدث عن شبكات الهجرة الغير نظامية والإتجار فى البشر المتواجدين فى ليبيا، من هذه الشبكات من هو مستقبلا للمهاجرين فى إيطاليا ويجد لهم فرص عمل فى الدول المستقبلة للهجرة الغير نظامية فى أوروبا بصفتهم عمالة رخيصة.


وفى نهاية حديثها أكدت السفيرة للطلاب، أنهم الأمل وهم المعنيين برسم الطريق للمستقبل، ولابد أن يغيروا من طريقة تفكيرهم، ويجتهدوا ليجدوا حلول مختلفة ومبتكرة ومستحدثة عن ما هو سائد ولم يستكمل من جهود جيلها من أجل أن يقودوا التنمية فى بلادهم والقارة.


ومن جانبها، قالت أ.د. حنان محمد على القائم بأعمال عميد كلية السياسة والإقتصاد جامعة القاهرة فى كلمتها الافتتاحية للحلقة النقاشية: إن قضية النزوح القسرى أصبحت من أكثر القضايا إلحاحا فى العالم وتشكل تحديا كبيرا أمام التنمية المرجوة والرخاء المنشود، وأن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أعلنت أن عدد النازحين واللاجئين من جراء الحروب والاضطهاد والعنف وانتهاكات حقوق الإنسان تجاوز  114 مليون فى نهاية سبتمبر 2023 وأهم دوافع النزوح القسرى.


وأضافت، فى النصف الأول من عام 2023 كانت الحرب الأوكرانية والصراعات فى السودان والكونغو الديمقراطية والجفاف والفيضانات وانعدام الأمن فى الصومال والأزمة فى أفغانستان، وفى أفريقيا يعد النزوح القسرى ليس مأساة إنسانية ولكن تهديدا حقيقيا للسلام والتنمية.


وأشارت د. أمانى الطويل مدير البرنامج الأفريقى بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى وجود متغيرات فى العامل العام الخاص بالإرهاب فى مسألة النزوح القسرى، وأن هناك عوامل غير منظورة إلى جانب  ظاهرة الإرهاب فى القارة التى تهدد المجتمعات المحلية والمسببة للنزوح القسرى وأن هناك متغيرات فى بطن هذه الظاهرة ربما تكون غير مرئية، وهى أن المنظمات المتطرفة فى أفريقيا اليوم تجد لها حواضن شعبية، وهناك حالة من حالات التعايش بشكل أو بأخر فى بعض هذه المجتمعات خصوصا فى بوركينا فاسو بين المنظمات المتطرفة والجريمة المنظمة وفواعلها وبين المجتمعات المحلية، وهذا يزيد من الصعوبة بدرجة كبيرة على الدول والفاعلين لمواجهة الظاهرة الإرهاب و التعامل معها لأنهم يتعاملوا مع جزء من السكان. 


وأوضحت، أن التنظيم المتطرف بوكو حرام فى نيجيريا له قدرة على إختراق الدولة نفسها بما فيها المؤسسة العسكرية وهو ما يزيد من صعوبة المشكلة على مواجهة هذا التنظيم المتطرف.


وأضافت، بالنسبة للعوامل البيئية المرتبطة بتغير المناخ، لدينا بالقارة جفاف فى بحيرة تشاد مؤثر على خمس دول أفريقية بهذه المنطقة وهو ما أدى إلى هجرة قسرية، وأن العوامل الأخرى الغير منظورة هى عامل الثقافات المحلية فى أفريقيا والصراع على الموارد وحالة الدولة الوطنية التى صممت حدودها بشكل يجعلها غير مستقرة بسبب أن مؤتمر برلين 1885 خص مناطق النفوذ للدول الكبرى فى أفريقيا وبعض دول العالم دون اعتبار للواقع المحلى والطبيعية الجغرافية القبلية فيها، وهو ما ترك 111 خلاف حدودى فى القارة الأفريقية بعضها تم حله والبعض الآخر مازال قائم، وهو ما يشكل حالة من عدم الاستقرار وترتب عليه أن الدولة الأفريقية نتيجة لعدم التماثل بين الحدود والجغرافيا الإجتماعية أصبحت تعانى داخلها من خلافات عرقية وقبلية حادة وهو ما أضعف من قدرات وعافية الدولة الوطنية والنظام العام.  


أدرت الحلقة النقاشية، أ.د. هالة أحمد الرشيدى أستاذ مساعد العلوم السياسية والقانون الدولى بالكلية ومدير المركز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى