نميرة نجم: المحكمة الجنائية الدولية لا تقوم بدورها ضد المسئولين عن الإبادة الجماعية فى غزة
قالت السفيرة د. نميرة نجم مدير المرصد الأفريقى للهجرة AMO بالاتحاد الأفريقى، إن الوضع الإنسانى فى غزة مأساوى، والأراضى الفلسطينية محتلة، والصراع الذى يدور الآن ليس صراعا داخليا، ولكن تصنيفه قانونيا صراع دولى، وتنطبق على الأراضى الفلسطينية كافة قواعد القانون الدولى الإنسانى وقواعد قوانين حقوق الإنسان.
وأضافت، عندما تقوم دولة احتلال بعمليات عسكرية فى الدولة المحتلة، عليها أول الأمر وهذه من أساسيات الحرب، أن أى قوات عسكرية لها يجب ألا تستهدف المدنيين، ولكن فى غزة لا يوجد أمام دولة الاحتلال سوى المدنيين لضربهم، وأصبح لديه اتجاه لقصف المدنيين بشكل ممنهج مصنف طبقا للقانون الدولى “إبادة جماعية”.
والجانب الآخر أن دولة الاحتلال عندما تضطر عسكريا لضرب منطقة بها مدنيين عليها أن تحذرهم وأن تجد لهؤلاء المدنيين منطقة آمنة لينزحوا إليها، واللعبة التى تمارسها إسرائيل فى غزة أنها توزع منشورات على أهل شمال غزة تقول لهم فيها أن يتجهوا جنوبا هذا بإدعاء حماية المدنيين.
جاء ذلك أثناء الحوار التليفزيونى مع السفيرة ردا على تساؤل المحاور الإعلامى نشأت الديهى حول إشكالية النزوح القسرى الذى تقوم به إسرائيل ضد المدنيين فى غزة وذلك فى برنامج “بالورقة والقلم” على قناة Ten الفضائية المصرية.
وتابعت السفيرة: لكن فى مسار الذهاب للجنوب يتم قصفهم، يذهبوا للجنوب يتم قصفهم أيضًا، وهنا أصبح الوسط والجنوب فى غزة غير أمان للمدنيين، وهذه مسئولية دولة الاحتلال أن تحاول الابتعاد عن قصف المدنيين واستهدافهم وكذلك مسؤوليتها فى إيجاد أماكن للمدنيين حتى يمكن لها استهداف المناطق العسكرية، ولكننا الآن بصدد إبادة جماعية ممنهجة وفقًا للقانون الدولى.
وأوضحت، أنه عندما نتكلم عن المسئولية فقد تم توجيه عدد لا بأس به من الطلبات للمحكمة الجنائية الدولية لتحريك الدعوى ضد المسئولين الإسرائيليين المنخرطين فى عملية القصف الممنهج للمدنيين فى غزة إلا أنه حتى الآن لم نرى تحركا من المحكمة على غرار ما رأيناه ضد الرئيس الروسى بوتين الذى تم توجيه مذكرة توقيف له فى زمن قصير للغاية من المحكمة بسبب الحرب الروسية – الأوكرانية.
ولكن إذا تعلق الأمر بإسرائيل لم نرى أى حراك حقيقى من قبل المحكمة الجنائية الدولية على الرغم أن كل ما يحدث فى غزة يقع تحت نطاق الاتفاق المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية.
وأشارت السفيرة، إلى خطوط مسارات الهجرة الغير نظامية من أفريقيا فى ليبيا وتونس إلى أوروبا، ومسار خليج غينيا القارتين الأمريكتين، وأن أغلب المهاجرين فيها من جنوب الصحراء ومناطق النزاعات سواء فى الساحل والصحراء والسودان والمناطق الأكثر تضررا من التغيرات المناخية.
وأكدت، أن التعامل مع هذه الظاهرة وحده لا يكفى، هناك مواطنين من الدول التى تعتبر أكثر استقرارا ولكن نظرا للأوضاع الاقتصادية بها يحاولون الهجرة بشكل غير نظامى ويذهبون لهذه الدول الترانزيت كمسار عبور إلى الشمال أو للأمريكتين، وأن أرقام المهاجرين تتوقف على الأوضاع التى يجدوها فى دول الاستقبال المهاجر إليها.
وفى تونس كان هناك فى الفترة الأخيرة حراك مع الاتحاد الأوروبى نظرا لقربها الشديد من إيطاليا، أعداد المهاجرين التى تذهب من تونس لجزيرة لامبيدوزا فى إيطاليا كبيرة للغاية، وتونس لديها اتفاق ثنائى مع إيطاليا، من يثبت أنه تونسى يعود لتونس، والقانون الدولى يتيح ذلك لأنها هجرة غير نظامية، طالما ثبت من أين يأتى هذا الشخص المهاجر يعود إلى بلده، ولكن لو كان المهاجر يفر من بلده بسبب صراع أو ظروف سياسية أو إضطهاد هذا يعتبر لجوء.
ولكن فى إطار هذه الهجرة لدينا النزوح القسرى واللجوء والمشكلة أنه وفقًا لقواعد القانون الدولى لا يصح للدول إعادة اللاجئين لدولهم بدون قرارات قانونية ومحاكمة وأسباب واضحة تتعارض مع أحكام الاتفاقية الخاصة بحقوق اللاجئين لعام 51، وما يحدث اليوم حتى فى بعض مناطق النزاعات دول الشمال الرافضة للهجرة الغير نظامية منها وتريد إعادة كافة أنواع الهجرة سواء كانت هجرة غير نظامية لأسباب اقتصادية تتعارض مع قوانين هذه الدولة التى تريد إعادة المهاجرين إلى دولهم.
ونوهت السفيرة، أن بريطانيا ليست وحدها التى فكرت فى إعادة المهاجرين إليها لدولة أفريقية ثالثة مثل رواندا فهذا أصبح موضوع ومشروع أوروبى ليس متكاملا ومتفق عليه حتى الآن، ولكن هناك ثلاث دول فى الاتحاد الأوروبى تريد أن تحذوا حذو المنهج البريطانى فى محاولة إيجاد دولة ثالثة لعمل مراكز فيها يطلقوا عليها “مراكز الإجراءات” لمراجعة أوراق المهاجرين، وبناء عليه إذا ثبت أن هذا المهاجر الغير نظامى “لاجئ” يتم قبول أوراقه، وما عدا ذلك يظل فى الدولة المتلقية له.
وفى مجلس العموم البريطانى كان هناك نقاش حاد خلال الأسبوع الماضى فى هذا الاتفاق بين بريطانيا ورواندا، وجرى تعديله من قبل الحكومة البريطانية بعد أن أفادت المحكمة العليا البريطانية أن هناك إشكالية تمس حقوق الإنسان فى الاتفاق، والحكومة البريطانية عدلت بعض البنود وعرضته على مجلس العموم البريطانى.
وخلال النقاش داخل مجلس العموم، هاجم بعض النواب الحكومة البريطانية الذين أشاروا إلى أن الحكومة البريطانية منحت رواندا 400 مليون جنيه استرلينى دون الاستفادة من هذا الاتفاق، ودون أن يصل أحد من المهاجرين الغير نظاميين من بريطانيا لرواندا، والحكومة البريطانية دافعت وقالت: بمجرد الإنتهاء من هذا الاتفاق سيتم تفعيله، وأن هذه الأموال الممنوحة لرواندا كانت للتمهيد له.
وأكدت السفيرة، أن المبدأ هو لا يمكن إعادة طالب اللجوء إلى دولته أو دولة ثالثة طالما سيواجه فيها صعوبات كصراعات أو ملاحقة سياسية، يجب النظر فى ملفه وإذا ثبت أنه لاجئ يجب قبوله وفقًا للمواثيق الدولية، واليوم هم فى أوروبا يريدون قبل دراسة طلب اللجوء إرسال اللاجئين إلى مراكز الإيواء فى دول ثالثة.
والمشكلة أن الدولة الثالثة فى مرحلة ما سوف تقبل توطين من لم يقبل لجوئه لدول الشمال، هم ليسوا مواطنيها ولكن ستقبل توطينهم فى أراضيها وإعادة التوطين، وهذه مخالفة للقانون الدولى وكانت سببا للاعتراضات على الاتفاق فى مجلس النواب البريطانى، والدول الأوروبية تحاول أن تؤكد أن حقوق الإنسان سيتم احترامها فى الدول الثالثة ولكن فى نهاية المطاف هذه الدول جميعها أطراف فى اتفاقية اللاجئين لعام 51، وبالتالى طردهم لطالبى اللجوء دون دراسة أوراقهم طبقا لقوانينها فى حد ذاته مخالفا للقانون الدولى.
وبشأن تطور الأوضاع فى العام الجديد، أكدت السفيرة عدم تفاؤلها حتى الآن وفقًا للمعطيات التى نراها أمامنا الآن التى تشير إلى أن عام 2024 لن يأتى بجديد فى مشكلة الهجرة والنزوح نحو حلول بشكل سريع.
وأضافت، ما زلنا أمام صراعات لم تستطيع الآلية الدولية الراهنة إيجاد حلول لها، وأصبح هناك ضرورة فعلية أن يتم إعادة النظر فى كيفية التعامل فى كافة المنظومة الدولية وكافة المنظمات الدولية، لأنها بالشكل الراهن غير قادرة على مواجهة الصراعات أو حماية المهاجرين، وإذا كان إصلاحها أصبح من الصعب يجب أن يتم إعادة النظر فى هذه المنظومة حتى يمكن أن تأتى بثمارها التى أنشئت من أجلها.