جلسة الدبلوماسية والأمن السيبرانى تبرز دور مصر الرائد فى تطوير القواعد الأممية والأفريقية
أفردت “قمة مصر الدولية للتحول الرقمى والأمن السيبرانى” التى أنهت أعمالها، أمس الثلاثاء، تحت رعاية رئاسة مجلس الوزراء مركز مصر للمؤتمرات والمعارض الدولية، جلسة خاصة بعنوان “الدبلوماسية متعددة الأطراف والأمن السيبرانى: ملامح من تجربتى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقى” تحدث فيها عدد من الدبلوماسيين بوزارة الخارجية والمسئولين بالاتحاد الأفريقى.
وأبرز السفير عمرو الجويلى المستشار الاستراتيجى لنائبة رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقى فى ملاحظاته الافتتاحية كرئيس للجلسة، أنها تأتى فى سياق تعاون متنامى بين “جمعية إنترنت مصر” ومجلة الدبلوماسى لتناول الموضوعات المرتبطة بالدبلوماسية الرقمية.
ونوه فى هذا السياق، بمبادرة الدبلوماسيين المصريين فى إثراء الأدبيات العربية حول تأثير ثورة المعلومات والاتصالات على العلاقات الدولية منذ أن أفردت دورية السياسة الدولية ملفها الرئيسى لهذا الموضوع منذ ما يقرب عن ثلاثين عاماً، مشيراً، إلى أن مشاركة المديرين الحاليين بوزارة الخارجية فى هذه الجلسة كمتحدثين يبرز التواصل الفكرى للأجيال المتعاقبة بما فى ذلك فى الموضوعات المتخصصة والقضايا الجديدة المطروحة على جدول أعمال المنظمات الدولية.
واعتبر، أن الجلسة لقاء رائد على مستوى العالم العربى والقارة الأفريقية لتناول دور الدبلوماسية فى التصدى لتحديات الأمن السيبرانى وتكتسب أهمية خاصة مع استعداد الأمم المتحدة لعقد قمة المستقبل فى سبتمبر القادم، والمتوقع أن تعتمد الميثاق الرقمى العالمى، الذى ربما سيمثل الوثيقة الأممية الأهم فى هذا المجال منذ اعتماد قمة مجتمع المعلومات لإعلانيها السياسيين وخطتى العمل فى جنيف وتونس عامى 2003 و 2005 على التواصل، والتى ساهمت مصر فى صياغتها بشكل نشط حينذاك.
وتناول الوزير المفوض باسم يحيى حسن مدير شئون نزع السلاح والاستخدامات السلمية للطاقة الذرية بوزارة الخارجية الجمعية العامة للأمم المتحدة للأمن السيبرانى من خلال مجموعة العمل مفتوحة العضوية، مشيراً، إلى أنها تهدف إلى تطوير القواعد الدولية فى هذا المجال، باعتبار أن التكنولوجيا بطبيعتها عابرة للحدود، مبرزاً، أن البداية كانت عام 2019 عندما تبنت اللجنة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً، كانت مصر داعمة له، لإنشاء فريق خبراء حكوميين عقد 6 دورات له كانت مصر من أكثر الدول الممثلة بخبراء فى 4 تشكيلات منه.
وأضاف، توصل فريق الخبراء الحكوميين عام 2015 إلى تقرير حظى بتوافق دولى طرح 11 معيار تمثل التزاماً طوعياً تُمهد لقواعد أكثر تطوراً تقر بانطباق القانون الدولى على الفضاء السيبرانى إضافة إلى تطوير سجل لنقاط الاتصال الوطنية، واحدة فنية والأخرى دبلوماسية، بينما انتقلت المهمة بعد ذلك إلى مجموعة عمل مفتوحة العضوية تمتد ولايتها إلى عام 2025.
وصنف مدير شؤون نزع السلاح بوزارة الخارجية اتجاهات النقاش فى الأمم المتحدة إلى مدرستين فكريتين: الأولى تطالب اتفاقية دولية ملزمة لمنع الاستخدامات غير المشروعة للفضاء السيبرانى، ومدرسة ثانية ترى أن التقنين ليس حلاً فهو مستحيل التنفيذ وإنما الممكن هو الاتفاق على قواعد عامة.
ويظهر حالياً اتجاهاً ثالثاً يرى إمكانية الانتقال من المعايير الطوعية إلى التعهدات السياسية مع إنشاء مجلس ينظر دورياً فى متابعة التنفيذ، دون أن تكون فى شكل التزامات قانونية.
وعرضت الوزير المفوض د. مها سراج الدين، مدير شئون الجريمة المنظمة والأمن السيبرانى بوزارة الخارجية، الجهود الجارية على الصعيد الدولى لبلورة اتفاقية شاملة لمكافحة استخدام تكنولوجيا المعلومات، مشيرة، إلى أن التكلفة الاقتصادية على الصعيد العالمى للجريمة الإليكترونية تصل إلى 8 تريليون دولار وقد تصل إلى 14 تريليون عام 2028.
ومن هنا أنشأت الجمعية العامة عام 2019 اللجنة الحكومية الدولية المتخصصة لبلورة الاتفاقية حيث كان هناك اتجاهان رئيسيان الأول يجادل بأن هناك اتفاقية دولية قائمة ولا احتياج لبلورة اتفاقية أخرى، بينما كان الاتجاه الثانى متمثلاً فى مصر وعدد من الدول الأخرى متشابهة الفكر، يؤكد على أن الاتفاقيات المتواجدة بالفعل ليست عالمية العضوية، وأن الاتفاقيات الأخرى الخاصة بالجريمة المنظمة لم تتناول البعد السيبرانى بالشكل المتعمق المطلوب.
وأضافت، أن المفاوضات امتدت من يناير 2022 إلى يناير 2024 تخللها 7 جولات ثم تعقد الأخيرة فى أغسطس 2024 لتعرض نتائجها على الجمعية العامة.
وأشارت، إلى أن هناك تفاوتاً بين مواقف الدول المتقدمة والنامية خاصة بالنسبة لتعريف الجريمة السيبرانية، ومحددات التعاون الدولى، وكيفية تنظيم دور أصحاب المصلحة، وما يتعلق بالأبعاد المتعلقة بحقوق الإنسان على ضوء المواثيق أخرى التى تركز على تناول هذا الأمر.
وقالت: إن وفد مصر اضطلع بدور مهم فى عرض الأولويات الوطنية ولتقريب وجهات النظر بين الدول الغربية والنامية مع الحاجة إلى مزيد من وحدة الصف للدول النامية.
وتناول المستشار بوزارة الخارجية د. محمد هلال عضو مفوضية الاتحاد الأفريقى للقانون الدولى وأستاذ القانون بجامعة ولاية أوهايو فى مداخلته “الأمن السيبرانى والقانون الدولى: نظرة على الموقف الأفريقى المشترك حول انطباق القانون الدولى على الفضاء السيبرانى، مؤكداً، أن النقاش الجارى حالياً له أثر ملموس على تطور القانون الدولى بشكل عام معرفاً الجريمة السيبرانية بأنها مجموعة من الأعمال المؤثمة بموجب القوانين بما فيها قانون العقوبات، أما العمليات السيبرانية فهى إجراءات تقوم بها الدول كأداة من أدواتها السياسية والعسكرية، وتمس صميم العمل الدولى.
وأضاف، أن الموقف الأفريقى المشترك أكد أن السيادة هى حجر الزاوية فى المنظومة الدولية وتطرق إلى تعريف استخدام القوة فى الفضاء السيبرانى لعدم إضفاء أى قدر من الشرعية على الأعمال غير المشروعة من قبل أى من الدول التى تمتلك تلك القدرات بغض النظر عن إحداث ضرر مادى ملموس من عدمه للحفاظ أيضاً على مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية.
وأشارت المهندسة سهيلة أمازوز ممثلة عن شعبة مجتمع المعلومات بمفوضية الاتحاد الأفريقى للأمن السيبرانى فى إطار وثائق الاتحاد الأفريقى لمجتمع المعلومات، إلى أهمية الاجتماع الوزارى وإعلان مالابو عام 2009 الذى هدف إلى تطوير اتفاقية أفريقية حول الأمن السيبرانى تم التوصل إليها بعد أربعة سنوات واعتمدت عام 2014 ثم دخلت حيز النفاذ عام 2023 بينما بدأت حالياً عملية المراجعة لها لتواكب التطورات الأخيرة فى هذا المجال، مؤكدة، أن الأمن السيبرانى يتجاوز كونه أمر فنى ليشمل أيضاً التعاون الدبلوماسى، مذكرة، بأن المادة 28 من الاتفاقية تؤكد أهمية التعاون الدولى بين أفريقيا وباقى العالم فى هذا المجال.
وأضافت، أن الأمن السيبرانى أصبح عام 2018 من ضمن المشروعات الرئيسية لأجندة 2063 وتبعه العديد من المبادرات القارية منها الإطار الأفريقى لحماية البيانات والاستراتيجية الإقليمية للذكاء الاصطناعى وعدد من الوثائق المرجعية والبرامج العملياتية الأخرى.
وأشادت، بإسهام الوفود المصرية المشاركة فى صياغة وتطوير هذه المبادرات الأفريقية، مثمنة، اهتمام الدبلوماسية المصرية بتلك المجالات بما يعتبر نموذجاً يحتذى به.
ومن جانبه، أبرز المهندس عمرو هاشم رئيس جمعية “إنترنت مصر” إلى أهمية هذا التواصل فيما بين المفاوضين الدبلوماسيين والقطاع الخاصة والمجتمع المدنى وهو ما أكد عليه جميع المتحدثون باعتبار أن توفير الأمن السيبرانى يشمل العديد من قطاعات البنية التحتية الحيوية التى يديرها أيضاً المؤسسات الخاصة والمدنية.