نميرة نجم: قرار محكمة العدل الدولية انتصارا للقانون الدولى ضد الهمجية
عقبت السفيرة د. نميرة نجم خبيرة القانون الدولى العام على صدور قرار محكمة العدل الدولية الصادر، أمس الجمعة، أنه انتصارا للقانون الدولى ضد الهمجية، ويعيد الثقة فى المنظومة القانونية الدولية، بعد أن شهدنا انهيارها تدريجيا خلال المائة يوم السابقة منذ بداية العملية العسكرية الإسرائيلية ضد المدنيين فى غزة.
وأضافت، حكم المحكمة أمس أمر ملزم لإسرائيل، وإن لم يتطرق إلى وقف إطلاق النار إلا أنه أعطى لإسرائيل مهلة لإتخاذ تدابير إحترازية التى انتهت إليها المحكمة بشكل مبدئى، وهى الإمتناع عن أى أعمال من المنصوص عليها فى الاتفاقية الدولية لمنع جريمة الإبادة الجماعية، ومنع ومعاقبة كل من يقوم بالتحريض العام والمباشر للإبادة الجماعية، وإتخاذ كافة التدابير لضمان وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، والحفاظ على كل الأدلة المرتبطة بالإبادة الجماعية فى غزة، وتقديمها فى تقرير للمحكمة.
وأكدت السفيرة، أن هذه هى المرة الأولى التى تصدر محكمة دولية قرارا قانونيا ضد إسرائيل ملزما لها، وليس إستشاريا، وللأغلبية الساحقة التى صدر بها الحكم من قضاة يمثلون مدارس قانونية مختلفة من حول العالم يعطى قوة لهذا القرار.
وقالت نميرة نجم: إن نمط تصويت القاضية الأوغندية جوليا سيبوتندة على قرار المحكمة أقل ما يوصف به أنه جاء مخيبا للآمال ويتعارض ليس فقط مع موقف أوغندا باعتبارها قاضية مستقلة عن بلادها، لكنه يتعارض أيضًا مع المواقف الأفريقية بشكل عام وموقف الاتحاد الافريقى بشكل خاص فى ضوء إنها رشحت من قبل أفريقيا لمنصب قاضى فى محكمة العدل الدولية.
بالإضافة إلى أنها جانبها الصواب فى رأيها المعارض لحكم المحكمة فيما يتعلق بأسس القانون الثابتة وإصرارها على أن الصراع الفلسطينى _ الإسرائيلى هو صراع سياسى بالأساس، ولا علاقة له بالقانون أو بالولاية القضائية للمحكمة، وأن الحل السياسى هو الآلية الواجب اتباعها من أجل حل القضية.
وهنا تناست القاضية الأوغندية أن ما يحدث على الأرض اليوم من مجازر جماعية وتهجير وقتل متعمد وتصريحات المسئولين الإسرائيليين للتحريض على استهداف المدنيين الفلسطينيين فى كافة الأراضى المحتلة كلها تقع تحت طائلة القانون الدولى، وحتى التفاوض فى الموضوعات السياسية الدولية يستند إلى قواعد القانون.
والغريب أن القاضى الإسرائيلى صوت لصالح نصوص إتفاقية منع الإبادة الجماعية، بينما أصرت القاضية الأوغندية على التصويت ضد قواعد القانون الآمرة، وهو أمر مخزى من قاضية فى أعلى منصب قضائى دولى فى العالم، ويؤكد ذلك تعليق عدد من السفراء الأوغنديين الذين أكدوا أنها لا تمثل موقف أوغندا التى رشحتها من الأساس للمنصب.
وأضافت، على الرغم من أن قواعد القانون قد يتم تجاهلها عند التنفيذ إلا أننا نأمل أن يأتى الحراك القانونى بتغيير الوضع على أرض الواقع حتى يتمكن المدنيين الفلسطينيين فى إعادة بناء ديارهم ومستشفياتهم ودولتهم.
وعن مدلول قرار المحكمة، أوضحت نميرة نجم أنه يؤكد أن المحكمة على قناعة بوجود احتمال معقول بوقوع الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وأن عدم تنفيذ الإجراءات الاحترازية قد يؤدى إلى زيادة الوضع سوءا على الأرض ومن ثم تتحقق فعليا أركان جريمة الإبادة الجماعية.
يذكر، أن التدابير الاحترازية التى تتخذها محكمة العدل الدولية يمكن أن تقارن فى القانون الداخلى للدول بقرارات محاكم القضاء المستعجل التى تتخذ تدابير مؤقتة فى الدعاوى بشكل إجرائى لحين نظر الدعوى الموضوعية، وتتخذ هذه التدابير لوقف تدهور الوضع على الأرض أو وقف إحداث تغييرات لا يمكن الرجوع عنها قد تؤثر على مسار الدعوى الموضوعية، وهذا الإتجاه من القضاة جاء بسبب قناعة محكمة العدل الدولية بوجود شبهة أو أدلة ظاهرية بوقوع جريمة الإبادة الجماعية ومن ثم كان هناك ضرورة لإصدار هذا الأمر لوقف كل الأعمال التى قد تؤدى إلى الإبادة الجماعية.
وعقب صدور الحكم، هنأت السفيرة د. نميرة نجم وزير خارجية جنوب أفريقيا ناليدى باندور على دور جنوب أفريقيا فى دعم القضية الفلسطينية والجهد الذى بذله فريق المحامين أمام المحكمة.
وهنأت الوفود، عمار حجازى، وعمر عوض الله، مساعدى وزير خارجية فلسطين، والسفيرة روان سليمان سفير دولة فلسطين فى لاهاى، وكبير محامين جنوب أفريقيا أ.د. جون دوجارد.
وحضر الجلسة من السلك الدبلوماسى فى هولندا، سليمة عبد الحق سفيرة الجزائر، ومطلق القحطانى سفير قطر، وسفراء كوبا وباكستان والقائمين بأعمال سفارة ماليزيا وجواتيمالا.
يذكر، أن كافة وسائل الإعلام العالمية تجاهلت وفد المحامين الإسرائيليين عند دخوله قاعة المحكمة، والذى انسحب بهدوء من القاعة واختفى فور انتهاء وقائع الجلسة وخروج القضاة من قاعة المحكمة.
وانسحب المتظاهرين المؤيدين لإسرائيل من جوار خارج قصر العدالة لمحكمة العدل الدولية، واستمرت احتفالات المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطينية بصدور قرار المحكمة أمام المدخل الرئيسى لقصر العدالة فى لاهاى فى حماية الشرطة الهولندية حتى غروب الشمس.
وأقامت روان سليمان سفيرة فلسطين فى لاهاى، حفل عشاء على شرف وزير خارجية جنوب أفريقيا ناليدى باندور وفريق محامين جنوب أفريقيا، وذلك بمقر السفارة الفلسطينية فى لاهاى تقديرا لدور جنوب أفريقيا فى دعم القضية الفلسطينية.




