Blog

ندوة مرئية حول “الدبلوماسية الرقمية” لبحث أُثر تطورات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على العلاقات الدولية


عقدت جمعية “إنترنت مصر”، بالتعاون مع مجلة الدبلوماسى، ندوة مرئية بعنوان “الدبلوماسية الرقمية: الواجهة بين الجوانب التقنية والسياسية” تحدث فيها البروفيسور كورنيليو بيولا الأستاذ المشارك فى الدراسات الدبلوماسية ورئيس مجموعة أبحاث الدبلوماسية الرقمية بجامعة أكسفورد، وأدارها السفير عمرو الجويلى محرر “ديوان القراءات الدبلوماسية” بمجلة الدبلوماسى، وذلك بحضور أكثر من 150 مشارك.

وألقت الأمين العام لجمعية “إنترنت مصر” مريم فايز نيابة عن مجلس إدارة الجمعية، كلمة ترحيبية أكدت فيها على الأهمية التى توليها الجمعية لبحث الموضوعات الجديدة المتعلقة بمجتمع المعلومات وزيادة التوعية بالقضايا البازغة، ومنها الدبلوماسية الرقمية. 

وأضافت، أن ذلك يأتى فى سياق اهتمام الجمعية بتعزيز التفاعل بين الخبراء المتخصصين فى مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

من جانبه، أبرز السفير عمرو الجويلى، العضو الزائر بهيئة التدريس فى معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث ومؤسسة “ديبلو”، أن المجتمع الأكاديمى المصرى لم يكن بعيداً عن موضوعات الدبلوماسية الرقمية، بل أن دورية السياسة الدولية الصادرة عن مؤسسة الأهرام كانت أول من نشر فى هذا الموضوع باللغة العربية عام 1996، ومن هناك أهمية استكمال هذا الدور الرائد فى استكشاف ملامح تطور الدبلوماسية التى تعتمد فى الأساس على شق المعلومات والاتصالات، ومن هنا تأثرها الكبير بالقفزة التى أحدثتها تلك التكنولوجيات. 

واسترجع الجويلى، التفاعل بين المجتمع المتخصص الفنى والدبلوماسى من خلال قمة الأمم المتحدة لمجتمع المعلومات، التى عقدت على مرحلتين فى 2003 و 2005 فى جنيف وتونس على التوالى، والتى ساهم وفد مصر فى صياغة بياناتها الختامية بشكل فعال.

وأبرز المحاضر البروفيسور كورنيليو بيولا فى كلمته الافتتاحية، أهمية تناول تطور مفهوم ومهنة الدبلوماسية التى تعود إلى اتفاقيات “تل العمارنة” وتطورت بشكل كبير مع عصر “الدولة المدينة” فى إيطاليا، إلا أنها تعاصر حالياً تحولاً غير مسبوق فى المجتمعات الوطنية، تلاه تطور فى العلاقات الدولية نتيجة بزوغ العصر الرقمى. 

وخص المحاضر بالذكر، تضخم حجم البيانات التى أصبحت تسمى عن حق النفط الجديد، وشارحاً بأنها لا تقتصر على “البيانات العضوية”، بل تمتد أيضاً إلى ما يمكن تسميته “البيانات المُصنعة” وما لذلك من تأثير على الجغرافيا السياسية بما يتطلب أطر تنظيمية متعددة الأطراف، أحد أوجهها هى “الاتفاقات البياناتية” خاصة تلك المتعلقة بالتجارة على نحو ما فرضه الاتحاد الأوروبى فى عدة حالات.

وأضاف بيولا، أن أحد السمات المميزة للعصر الرقمى هى السرعة فى وتيرة الأحداث والوقائع، بما يتطلب دراسة علم الاجتماع أو سوسيولوجيا التسارع، لفهم الأثر الواقع المرتبط بتشتيت النسيج القائم فى المجتمعات من ناحية، وتفاوت الوزن النسبى بين الفاعلين الجدد والدول من ناحية أخرى، أبرزها تزايد قوة وتأثير ظهور والشركات متعددة الجنسية بل والأفراد، ومن هنا أهمية تحديد دور الدولة فى تنظيم هذه الظواهر.

 وفى إجابة على سؤال المحاور بشأن المصطلحات المختلفة للأنواع الجديدة للدبلوماسية، قال بيولا: إن المصطلح الذى كان يستخدم فى البداية كان “الدبلوماسية الالكترونية” لكن تراجع استخدامه نتيجة محدودية نطاقه، أما “الدبلوماسية السيبرانية” فهى معنية فى الأساس بالبنية التحتية لمجتمع المعلومات سواء الاتصالات أو التطبيقات، وبالتالى كيفية تطوير السلوك المسئول فى الفضاء السيبرانى، ثم تأتى الدبلوماسية الرقمية المعنية أكثر بجوانب الاستخدام من قبل وزارات الخارجية والمنظمات الدولية، وأخيراً الدبلوماسية التكنولوجية التى تتناول قاعدة أوسع من القضايا.

وعرض الأستاذ بجامعة أكسفورد، المراحل التى مضت بها الدبلوماسية الرقمية، حيث كانت المرحلة الأولى بتبنى الدبلوماسية لأدوات الإعلام الاجتماعى خاصة لمواجهة الاستخدام الشعبى المكثف فى إحداث التطورات السياسة، ثم جاءت مرحلة استخدامات الوسائط الرقمية فى الاجتماعات الدبلوماسية كما حدث فى فترة الجائحة، وأخيراً المرحلة الحالية المرتبطة بالجيل الثالث وما بعده من تكنولوجيات الاتصالات، وما نتج عنها من “الميتافرس”، المرتبط أيضاً بخلق البيانات بأحجام هائلة، وبالتالى مرحلة مركزية للذكاء الاصطناعى فى مجالات الدبلوماسية. 

ومع كل هذه المراحل، فهى لن تؤدى إلى نهاية الدبلوماسية، حيث أن التفاعل الإنسانى سيظل جوهرياً فى العلاقات ما بين الدول، إلا أن السفارات المقيمة ستصبح من موروث الماضى، تحل محلها “السفارات الهجينة” التى تدمج المهام الرقمية فى عملها جنباً إلى جنب مع التواجد المادى.

وتعقيباً على ما أثاره المحاور من الدور الذى يجب أن تقوم به الدبلوماسية الرقمية للحفاظ على اللغات الأصلية والوطنية مقابل الاتجاه العالمى لأن تصبح الإنجليزية سائدة دوليا، طرح بيولا، وهو أيضاً المحاضر بالأكاديمية الدبلوماسية فى فيينا، فكرة “القواعد النحوية الجديدة” التى تناولها فى كتابه الأخير الصادر بداية هذا العام عن جامعة أكسفورد، والتى تنبع من تأثير استخدام النماذج اللغوية الهائل التى يحللها الذكاء الاصطناعى. 

وأشار، إلى أن من أبرز ظواهر المجتمع الرقمى هو التوجه من الثقافة النصية إلى الثقافة البصرية، وهو ما يفسر شعبية بعض المنصات التى تقتصر على الصور والفيديوهات، مؤكداً، أن أكثر من 60% من التفاعل الإنسانى غير نصى ومن هنا يجب فهم السياق الثقافى الذى يستوعب التكنولوجيات الرقمية، حيث أصبح التعبير عن العواطف والمشاعر يتم بشكل مختلف عما كان عليه منذ عقود. 

كما عرض المحاضر، تطور أجيال التطبيقات الرقمية، التى بدأت فى وادى سيليكون غرب الولايات المتحدة، إلا أن المراكز الجديدة للتطبيقات الحديث، خاصة تلك المعنية بالفضاء الماورائى “ميتا فرس” انتقلت إلى دول مثل الإمارات، والسعودية، وكوريا الجنوبية، وما أصبح يرتبط بها من تكنولوجيا “الواقع المضخم”، والنظارة الرقمية، والترجمة التلقائية، بما قد يؤدى مرة أخرى إلى تزامن اللغات.

وميز المحاضر، وهو زميل هيئة التدريس فى مركز الدبلوماسية العامة بجامعة جنوب كاليفورنيا، بين الذكاء الاصطناعى وبين الاعلام الاجتماعى، فالأول يحتاج إلى بناء القدرات، والمؤهلات التى تفهم أبعاده، وهو ما يضع ضغوطاً على الأجهزة الحكومية حيث تستقطب الشركات تلك المواهب، مشيراً، إلى أن هناك مجالاً واسعاً لاستخدام الذكاء الاصطناعى فى إدارة الأزمات وفى تحليل البيانات من المفاوضات السابقة بما يخدم المهام الدبلوماسية، جنباً مع جنب مع الحذر من الانحياز الذى قد تعكسه أدوات الذكاء الاصطناعى التى قد تخلق واقعاً بناء على الموقع، أى قد تطرح نتائج متمايزة لذات الأسئلة فقط مع اختلاف منابع الاستفسارات، هو بما يؤدى إلى حالة من التشرذم على الصعيد العالمى. 

ومن هنا، ركز بيولا فى إجاباته على أسئلة الحضور، على أهمية الحفاظ على وحدة وتماسك شبكة الانترنت، وتطوير الأطر التنظيمية اللازمة المعنية بالذكاء الاصطناعى، وتعزيز دور الجنوب العالمى فى صياغة القواعد الآخذة فى التطور.

وأكد المهندس عمرو هاشم رئيس “جمعية انترنت مصر”، اهتمام الجمعية بعقد تلك الندوات دورياً بالمشاركة مع مجلة الدبلوماسى برئاسة السفير رضا الطايفى للتعمق فى دراسة ظاهرة الدبلوماسية الرقمية والتكنولوجية والسيبرانية، وتعزيز التفاعل بين المجتمع الدبلوماسى والفنى. 

ودعا الحضور، للمشاركة فى الأنشطة التى تنظمها الجمعية، بما فى ذلك المبادرة القائمة بتحديد يوم الانترنت المصرى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى